فقال أصحابنا إنه إذا كان الحيض أياما والطهر أياما، ما لم يكن أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من عشرة أيام ، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أيام "، لأنك تقول يوم ويومان وثلاثة أيام، فثبت في اسم الأيام في الثلاثة فصاعدا، وتقول ثلاثة أيام إلى سبعة أيام إلى عشرة أيام، ثم تقول: إحدى عشر يوما، فسقط اسم الأيام أحد عشر يوما فصاعدا، فثبت عندهم أن أقل الحيض ثلاثة أيام أو أكثر، وعشرة أيام لا يجاوزه، وثبت عنهم أن الطهر عشرة أيام فيما خاطب النبي صلى الله عليه وسلم المرأة، أن تغتسل وتصلي سنة إذا كانت تلك عادتها، ووقع عليها الطلاق، وخرج ذلك من حد التعارف، ولما جعل الله من الأقرار في الأشهر، ولا تساوي بين الحيض والطهر في الأقل والأكثر، ولكنها تجعل أكثر الحيض أقل الطهر، لا تساوي بينهما.
فإن قال قائل: فقد ساويتم بينهما إذا جعلتم الحيض عشرة أيام والطهر عشرة أيام.
قلنا: جعلنا أقل الحيض ثلاثا وأكثره عشرا، وجعلنا أقل الطهر عشرة أيام، فلم نساو بين الحيض والطهر، فإن ساوينا بينهما فللكلفة والمحنة التي تلزم في أيام الطهر من الاغتسال في الصلاة الذي تحدث فيه المشقة والعسر على المرأة في أمر دينها، وبصحة زوال العسر من دين الله - تبارك وتعالى - وللضيق، والحرج، ولثبوت السنة في الحائض أنها تترك الصلاة في أيام حيضها، فلم نجد تعبدها بالصلاة في أيام طهرها أوجب من تعبدها بترك الصلاة في أيام حيضها، ووجدناهما متكافئين في دين الله وفي سنة نبيه، إذ أمرها بترك الصلاة في أيام حيضها، وبالعشر أحب إلي.
وكان ذلك متكافئا عنده في الدم فجعلنا لها العشر عند الشبهة، إذا لم تعرف أيام حيضها في أول ما تعبدها به من الحيض قبل أن تعرف أيام طهرها، احتياطا منا على ثبوت سنة النبي صلى الله عليه وسلم بالعشر في الحيض والطهر بصحة ذلك في الأكثر من الحيض وصحه ذلك في الأقل من الطهر.
مخ ۳۹