ومعي أنه يخرج معاني الاتفاق قولهم على ذلك من أجل أنها ترعى الأقذار والنجاسات، ولا أعلم أنها من النواشر التي تنشر الجيف، ولا تضاف إليها، وإنما هي من الرواعي، وقد ترعى الأنعام والدواب الطاهرة المواضع القذرة وتأكل القذر، وما لم تكن جلالة فلا يفسد لحمها ولا روثها إذ هي طاهرة في الأصل، وإن كانت الدجاجة جلالة فلا يجوز لحمها ما كانت في حال الجلالة، ولحمها نجس وسؤرها وجميع ما كان منها، وان كانت ليست بجلالة فلا يخرجها من سائر الأنعام الخالص أكل لحمها من سائر الطير الجائز أكل لحمه، مثلها في خزقها إلا دليل يوجب عليها دون غيرها، وإن كان من جهة الاسترابة فالاسترابة لا توجب تحويل الأحكام.
وأحسب أنه قد يوجد في بعض قولهم إن خزقها لا يفسد وأن فيه ترخيصا، ومعي أنه قد قال بعض أهل العلم فيها أنها لو حبست عن مراعي الأقذار كان خزقها طاهرا، و إذا ثبت هذا المعنى فيها أنه إنما فسد خزقها من جهة المرعى والاسترابة لها فيه، وكذلك قد يكون الشيء من الأنعام مسترابا برعيه الأقذار وأكل العذرة، ويعرف بذلك على الدوام، إلا أنه لا يخلط معه غيره من الطهارات، فلا يتحول بذلك حكمه في روثه ولا سؤره حتى يكون جلالا لا يخلط مع النجاسة غيرها من الطهارات، وكل شيء أصله من الطهارة،حتى تصح نجاسته ومن النجاسة حتى تصح طهارته، وما كان أصله نجسا فهو نجس على الأبد.
ولو أن شيئا من السباع مما أصله نجس خبثه نجس، حبس عن النشر وعن أكل الأنجاس، وأطعم ما تطعم الأنعام لا يخلط معها غيرها من الأسد والنمور وأشباه ذلك، لكان خبثها مفسدا على أصله.
وكذلك الخنزير ولو تغذى بالطهارات من المعيشة، لم يكن ذلك محولا لحكمه عن التحريم إلى التحليل ولا إلى طهارة خبثه.
مخ ۱۱۹