273

معجز احمد

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

ژانرونه

بلاغت
يقول: إن خيلك تطوف فوق جبال مرعش وحولها وتحرسها، والثلج على جبالها كأنه قطن مندوف، والضمير في جبالها لمرعش، وفي طرقها للجبال. كفى عجبًا أن يعجب النّاس أنّه ... بنى مرعشًا تبًّا لآرائهم تبًّا! التب الخسران، وأراد به الدعاء على آرائهم، كقولك: قبحًا له. وفاعل كفى أن يعجب، لأن أن مع صلتها كاسم مفرد وعجبًا نصب على التمييز وتبًا على الذم أو على المصدر. يقول: ليس من العجب بناؤه مرعش، ولكن العجب استعظام الناس وتعجبهم من بنائها. وما الفرق ما بين الأنام وبينه ... إذا حذر المحذور واستصعب الصّعبا؟! إذا كان يحذر من الأمر المحذور، ويصعب عليه الأمور الصعبة، مثل سائر الناس، فأي فرق بينه وبين سائر الناس. لأمر أعدّته الخلافة للعدى ... وسمّته دون العالم الصّارم العضبا يقول: لولا اختصاصه من بين سائر الأنام بمعان، لم تجعله الخلافة من بينهم، عدة لها، ولما سمته سيفًا قاطعًا وأراد بالخلافة: الخليفة أي ذوي الخلافة. ولم تفترق عنه الأسنّة رحمةً ... ولم تترك الشّام الأعادي له حبّا يقول: لولا شجاعته، لم تفترق الأسنة عنه في حروبه، ولم تترك الأعادي له الشام، لولا خوفهم منه. ولكن نفاها عنه غير كريمةٍ ... كريم النّثا ما سبّ قطّ ولا سبّا الضمير في نفاها للأعادي، وغير كريمة حال من الأعادي، والعامل فيها نفاها والهاء في عنه لسيف الدولة، وقيل: يرجع إلى الشام والنثا بالنون قيل: مقصور، هو الذكر في الحمد، والذم. يقول: لم يترك العادي له الشام محبة منهم له، ولكنه طردهم قهرًا، مهانين غير مكرمين، وهو ملك كريم الذكر ما سب قط: أي لم يشتمه أحد؛ لأنه لم يفعل ما يشتم عليه، ولا شتم أيضًا هو أحدًا؛ لأن الشتم سلاح من لا قلب له على المحاربة؛ ولأن الناس بعضهم مطيع له فلا يشتمه، وبعضهم خائف أن يشتمه. وجيشٌ يثنّى كلّ طودٍ كأنّه ... خريق رياحٍ واجهت غصنًا رطبا يثنى: أي يعطف، ويجعل اثنين. والطود: الجبل. والخريق: الريح الشديدة التي تخرق كل شيء تجري عليه. يقول: نفي أعداءه عن الشام كريم النثا، وجيش عظيم يثنى كل جبل: أي يعطفه ويهده، ويزعزه، عن موضعه، وأراد به أن يجعل الجبل اثنين: أحدهما الجبل، والثاني نفس الجيش، ثم شبه الجيش بريح شديدة قابلت غصنًا رطبا: يعني أنه يكسر الجبل ويعطفه كريح هذه صفتها، وإن هذا الجيش وإن كانوا كالجبل، فالجبل الذي تحتهم كالغصن الرطب عند الريح الشديدة الهبوب. كأنّ نجوم اللّيل خافتت مغاره ... فمدّت عليها من عجاجته حجبا مغاره: إغارته والهاء فيها، وفي عجاجته: للجيش. يقول: كأن النجوم قد خافت أن يغير عليها هذا الجيش، فمدت على نفسها من غبار هذا الجيش حجبًا، حتى لا يراها. يعني أن غباره وصل إلى النجوم. فمن كان يرضى اللّؤم والكفر ملكه ... فهذا الّذي يرضى المكارم والرّبّا هذا في قوله: فهذا إشارة إلى سيف الدولة. يقول: هو أبدًا في الجهاد، يرضى الرب بفعله، ويبذل الأموال، يرضى بها مكارمه، وغيره من الملوك: إما مشرك برضى الكفر، وإما بخيل برضى البخل، واللؤم. وأهدى سيف الدولة إلى أبي الطيب هدية فيها ثياب ديباج رومية، ورمح وفرس معها مهرها وكان المهر أحسن من الفرس فقال يمدحه: ثياب كريمٍ ما يصون حسانها ... إذا نشرت كان الهبات صوانها الصوان: ما يلف به الثوب ويصان به: ثياب: رفع لأنه خبر ابتداء محذوف: أي هذه ثياب كريم، أو هي مبتدأ وخبره محذوف: أي عندي ثياب كريم، ليس يصون حسان الثياب، ولكن إذا نشرها فرقها على جلسائه، وجعل صوانها أن يهبها لأصحابه. ترينا صناع الرّوم فيها ملوكها ... وتجلو علينا نفسها وقيانها امرأة صناع: حاذقة دقيقة اليد في صنعتها وجمعها صنع، ورجل صنع وجمعها صناع. وروى: صناع الروم وهي جمع صنعة، والكناية في فيها للثياب، وفي نفسها للصناع، وفي ملوكها وقيانها للروم، ويجوز أن تكون راجعة إلى صناع الروم. والقيان: جمع قينة، وهي الجارية المغنية. يقول: إن المرأة الصانعة من الروم ترينا في هذه الثياب الملوك، وتظهر علينا نفسها أي نفس هذه الصانعة من الروم، وصور القيان. يعني: أن هذه الثياب صورة ملوك الروم، وصورة الناقشة، وصورة القيان.

1 / 273