240

معجز احمد

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

ژانرونه

بلاغت
يقول: هو إمام للأئمة من قريش: أي الخلفاء من ولد العباس. يعني أن الأئمة إذا ساروا إلى عاص عليهم، خارج عن طاعتهم، كان سيف الدولة إمامهم في مقدمة جيوشهم، فهو لهم إمام في كل حرب يتبعون خطوه، ويرجعون إلى رأيه ومثله للبحتري: ولو جمع الأئمّة في مكانٍ ... تكون به لكنت لهم إماما يكون لهم إذا غضبوا حسامًا ... وللهيجاء حين تقوم ساقا يقول تأكيدًا لما تقدم: إن الأئمة إذا غضبوا على مخالف، كان لهم سيفًا يقتلون به، ويكون ساقًا للحرب حين تقوم الحرب، فقوام الحرب به كما يقوم الإنسان على ساق. فلا تستكثرنّ له ابتساما ... إذا فهق المكرّ دمًا وضاقا فهق: امتلأ. يقول: لا تستعظم منه الابتسام، وإشراق الوجه عندما امتلأ مكان الحرب بالدماء، وصار كالسيول. فقد ضمنت له المهج العوالي ... وحمّل همّه الخيل العتاقا فاعل..ضمنت: العوالي. ومفعوله: المهج. يقول: إنما يبتسم في حال شدة الحرب؛ لأن الرماح قد ضمنت له نفوس الأعداء، فوثق بها، وحمل خيله العتاق همته، فكما أنه لا يولى عن العدو، كذلك خيله؛ لتحملها همته. إذا أنعلن في آثار قومٍ ... وإن بعدوا، جعلنهم طراقا الطراق: نعل يطرح تحت النعل يؤكد بها. يقول: إذا أنعلت لطلب قوم أدركتهم، وجعلتهم نعلًا ثانية، لأنها تطؤهم وتدوسهم، وتجعلهم بين حوافرها، فتلحق بهم وإن كانوا على مسافة بعيدة وعليها نعلها الأولى فيصيروا نعلا ثانية. وإن نقع الصّريخ إلى مكانٍ ... نصبن له مولّلةً دقاقا نقع: ارتفع. وروى: وقع الصريخ والصريخ، والصراخ: الصوت. والمؤللة: المدققة المحددة، وهي الآذان ها هنا. يعني: أن خيله قد تعودت إجابة الصارخ، واستغاثة المستغيث، فإذا ارتفع صوت مستغيث من مكان ووصل إليها. نصبت له آذانا محددة دقاقا. لاعتيادها إجابة الصارخ. فكان الطّعن بينهما دراكًا ... وكان اللّيث بينهما فواقا الفواق: الوقت الذي بين الحلبتين. ودراكا: أي متتابعة. يقول: بين دعاء المستغيث، وبين إجابة سيف الدولة، لا يكون الليث إلا قدر ما بين الحلبتين، حتى يلحق به، ويداركه الطعن في عدوه: أي يتابع. ويروى بينهما جوابًا أي يكون هناك الطعن بدل الكلام. ملاقيةً نواصيها المنايا ... معاودةً فوارسها العناقا نصب ملاقية ومعاودة على الحال أي لحقن الصريخ على هذا الحال. يقول: إن الخيل تلاقي الموت بنواصيها، وتعانق فرسانها الأبطال: تبيت رماحه فوق الهوادي ... وقد ضرب العجاج لها رواقا الرواق: مقدم البيت. وقيل: سقف البيت المقدم، والهاء في رماحه للممدوح وفي لها للخيل والهوادي. يقول: تبيت رماح سيف الدولة فوق أعناق الخيل في حال قد ضرب العجاج للخيل، ولهواديها، رواقا؛ لكثرته وتكاتفه عليها. تميل كأنّ في الأبطال خمرًا ... عللن به اصحباحًا واغتباقا روى يميل وتميل يذكر ويؤنث، ولأنه أراد به الدم. يقول: تميل هذه الرماح عند طعنه بها في أجسام الأعداء، فكأنها قد اصطحبت واغتبقت في الأبطال من الخمرة فصارت من شربها سكارى. تعجّبت المدام وقد حساها ... فلم يسكر وجاد فما أفاقا تعجبت الخمر حين شربها سيف الدولة ولم يسكر؛ لأنه شرب المسكر لا الجود! وقيل: يمدحه بالإسراف في الجود والقوة على الشرب فهو سكران من الجود، وصاح من الشراب الذي شربه. أقام الشّعر ينتظر العطايا ... فلمّا فاقت الأمطار فاقا يقول: قام شعري ينتظر عطاياك، حتى يكون على قدرها، فلما فاقت عطاياك الأمطار، فاق شعري الأشعار. وزنّا قيمة الدّهماء منه ... ووفّينا القيان به الصّداقا الهاء في منه وفي به للشعر. يقول: جازيتك على ما أعطيتني بمدحي إياك، فوزنت لك ثمن الفرس، ومهر الجارية. وقيل: معناه أن عطاياك لما فاقت العطايا صار شعري الذي يفوق سائر الأشعار وفاء لها. وحاشا لارتياحك أن يبارى ... وللكرم الّذي لك أن يباقى المباراة: المعارضة بالفعل. أي يفعل مثل فعله. ويباقي: يغالب في البقاء. واعتذر بهذا عن قوله: وزنا قيمة الدهماء وقيل: هو اعتذار من قوله: فلما فاقت الأمطار فاقا يعني: حاشا لجودك وكرمك أن يعارض بحمد، فجودك أكثر، ومدى كرمك أطول.

1 / 240