معجز احمد
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
ژانرونه
بلاغت
أمعفر الليث الهزبر بسوطه ... لمن ادخرت الصارم المصقولا
المعفر: من عفرته، إذا ألقيته على العفر: وهو التراب. والهزبر. من أسماء الأسد. فكأنه وصفه بشدة الصوت.
يقول: يا من يعفر الأسد بشديد صوته! لمن ادخرت سيفك المصقول! أي لا تدخره؛ فإنك لا تحتاج إليه، لأن السوط إذا كفاك معركة الأسد مع أنه لا يقاومه أحد واستغنيت عن السيف، فإنك لا تحتاج إليه، ولا إلى أحد، لأن كل شجاع دون الأسد.
وقعت على الأردن منه بليةٌ ... نضدت بها هام الرفاق تلولا
يروى: وقعت، ووقفت: والأردن: نهر بأرض الشام، وتنسب إليه تلك البلد. ونضدت: أي جعلت بعضها فوق بعض. والرفاق: جمع رفقة، وهم قوم يجتمعون للسفر. والكناية في نضدت: للبلية. والهاء في منه: لليث. وفي بها: للأردن، وأراد بها البقعة.
يقول: حصلت من هذا الأسد بلية من البلايا، نضدت في هذه البلدة هامات أهل الرفقة تلولا، من كثرة ما افترسم ن الناس.
وردٌ إذا ورد البحيرة شاربًا ... ورد الفرات زئيره والنيلا
وردٌ: اسم للأسد، إذا كان يضرب لونه إلى الحمرة. والبحيرة: بحيرة طبرية، وهي من الأردن، وبينها وبين الفرات أكث من عشرة أيام، وكذلك بينها وبين النيل. وشاربًا: نصب على الحال. والزئير: صوت الأسد. والفرات: نهر يجري من بلاد الروم، ويمر في حدود الشام من قبل المشرق.
يقول: إنه إذا ورد البحيرة ليشرب منها سمع زئيره من الفرات إلى النيل مع بعد المسافة.
متخضبٌ بدم الفوارس لابسٌ ... في غيله من لبدتيه غيلا
الغيل: الأجمة. ولبدة الأسد: ما تلبد على كتفه ومنكبيه من وبره.
يقول: إنه مختضب من دماء الفوارس، لكثرة ما افترسهم. وخصهم بالذكر؛ لأنهم أمنع من غيرهم، وأنه من كثرة وبره، كأنه كان لابس أجمةٍ، فهو من وبره في أجمة.
ما قوبلت عيناه إلا ظنتا ... تحت الدجى نار الفريق حلولا
الفريق: الجماعة من الناس. وحلولا: أي حالين، وهو نصب على الحال من الفريق، وإن شئت على القطع.
يقول: إذا قابل إنسانٌ عينه في الظلمة، ظن أنها نار قوم نازلين في مفازة، وهذه النار يكون ضوءها أضوأ وأظهر من السراج. شبه بريق عينه بهذه النار.
في وحدة الرهبان إلا أنه ... لا يعرف التحريم والتحليلا
يقول: إن هذا الأسد منفرد في أجمة عن الناس، كالرهبان الذين ينفردون عن الناس، غير أنه لا يعرف التحريم والتحليل وهم يعرفون ذلك.
يطأ الثرى مترفقًا من تيهه ... فكأنه آسٍ يجس عليلا
الثرى، والبرى: مرويان، وهما التراب. والتيه: الكبر.
يقول: إنه يمشي على التراب، بالرفق لا بالكبر، فكأنه طبيب يجس عليلًا؛ لأنه إذا جس العليل ترفق.
ويرد عفرته إلى يافوخه ... حتى تصير لرأسه إكليلا
عفرة الأسد: الشعر المستدير على رقبته. واليافوخ: قحف الرأس. يعني: أنه ينفش وبره حتى يصير شعر رقبته على رأسه، مثل الإكليل؛ لكثرته واستدارته.
وتظنه مما يزمجر نفسه ... عنها بشدة غيظة مشغولا
الزمجرة: ترديد الصوت في الصدر. والهاء في عنها: للنفس. وتقديره مشغولًا عنها. وتظنه: يتعدى إلى مفعولين: أحدهما: الهاء في تظنه، ونفسه بدل عنها. والثاني: مشغولا.
يقول: تظن هذا الأسد مشغولًا عن نفسه بشدة غيظه، من كثرة ما يزمجر. أي تدل كثرة زمجرته على اشتغاله عن نفسه بغيظه. وروى: تزمجر بالتاء. ونفسه: بالرفع، على أن تكون نفسه فاعلة تزمجر.
قصرت مخافته الخطى فكأنما ... ركب الكمي جواده مشكولا
قصرت: أي جعلت الخطى قصيرة. والفاعل: المخافة، والمفعول: الخطي. والكمي: الشجاع المتكمي بالسلاح. والمشكول: المشدود بالشكال.
يقول: لما خاف الكمي منه، ركب فرسه، فهو يهيجه للإقدام جرأة، والفرس يحجم عنه خوفًا منه، فكأنه ركب فرسه مشكولًا. فشبه تقارب خطوه بالقيد. وقيل: أراد من خوف هذا السبع، لا يجسر الفرس أن يجري، فكأن خوفه صار قيدًا.
ألقى فريسته وبربر دونها ... وقربت قربًا خاله تطفيلا
البربرة: ترجيع الصوت. والتطفيل: الدخول على القوم وهم يأكلون من غير دعوة.
يقول: ظن الأسد حين علم أنك أسد مثله، أنك أردت التطفيل عليه في فريسته، فألقاها وبربر دونها، ذبًا عنها، فوثب عليك.
فتشابه الخلقان في إقدامه ... وتخالفا في بذلك المأكولا
1 / 128