معاویه بن ابی سفیان
معاوية بن أبي سفيان
ژانرونه
وذوو الحاجات وراء الباب؟ فقال معاوية: يا أمير المؤمنين، علمني أمتثل، قال راوي الخبر: فلما جئنا ذا طوى أخرج معاوية حلة فلبسها، فوجد عمر منها ريحا كأنه ريح طيب، فقال: يعمد أحدكم فيخرج حاجا مقلا حتى إذا جاء أعظم بلدان الله حرمة أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيب فلبسهما؟ فقال معاوية: إنما لبستهما لأدخل بهما على عشيرتي وقومي، قال عمر: والله لقد بلغني أذاك هنا وفي الشام.»
وزاد راوي الخبر، فقال: «والله يعلم إني لقد عرفت الحياء فيه، ثم نزع معاوية ثوبيه ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما.»
وروى عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي عن جده قال: «دخل معاوية على عمر وعليه حلة خضراء، فنظر إليها الصحابة، فلما رأى ذلك عمر وثب إليه بالدرة
15
فجعل يضربه بها، وجعل معاوية يقول: الله الله في يا أمير المؤمنين، فرجع عمر إلى مجلسه، فقال له القوم: لم ضربته يا أمير المؤمنين، وما في قومك مثله؟ فقال: والله ما رأيت إلا خيرا وما بلغني إلا خير، ولو بلغني غير ذلك؛ لكان مني إليه غير ما رأيتم، ولكن رأيته - وأشار بيده - فأحببت أن أضع منه ما شمخ.» •••
ولم يكن زهوه بسمته، وسماته دون زهو سليمان، فكان يصفر لحيته كأنها الذهب ... وقد أصابته لوقة في آخر عمره - وهي كأثر الضربة في الجلد - فكان يستر وجهه، ويقول: «رحم الله عبدا دعا لي بالعافية فقد رميت في أحسني، ولولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي.»
وهواه في يزيد لون من ألوان هذه الخلة الأموية، فكل الآباء يحبون الأبناء ... ولكن القوم لا يحسبون الأب بارا بابنه إلا إذا «نعمه»، أو شغل بتنعيمه فيما ينظر فيه الآباء من رغد أبنائهم، وفيما يتركونه لهم ويتغاضون عنه كأنهم يجهلونه، وقد أرسل معاوية ابنه يزيد إلى بادية بني كلب أخواله؛ ليتربى بينهم على الفروسية والبلاغة العربية، ولكنه فعل ذلك كأنما يفعله قياما بما تقتضيه مراسم السلف ولم يتبعه بما هو ألزم ليزيد من ضروب التربية والرياضة على كبح الأهواء، ولا سيما الهوى الذي ينظر إلى حرمات الناس وأعراض الرعاية، فقد علق يزيد بزوجة عبد الله بن سلام (زينب بنت إسحاق)، ومرض بحبها مرضا أدنفه، فاحتال أبوه حتى عرف سر مرضه من خصيان القصر؛ فأرسل في طلب أبي هريرة وأبي الدرداء، فقال لهما: إن لي ابنة أريد زواجها ولا أرضى لها حليلا غير ابن سلام لدينه وفضله وشرفه، فانخدع ابن سلام وذهب إلى معاوية يخطب بنته، وقيل: إن معاوية وكل الأمر إلى أبي هريرة؛ ليبلغها ويستمع جوابها، فأجابته بما اتفقت عليه مع أبيها وقالت له إنها لا تكره ما اختاروه، ولكنها تخشى الضرة وتشفق أن يسوقها إلى ما يغضب الله، فطلق ابن سلام زوجته واستنجز معاوية وعده فلواه به، ونقل إليه عن ابنته أنها لا تأمن رجلا يطلق ابنة عمه وأجمل نساء عصره! ...
وكأنما كان معاوية مهموما بشهوات ولده في زواج أو غير زواج، فقد حدث ابن عساكر من ترجمة خديج الخصي: «أن معاوية اشترى جارية بيضاء جميلة، فأدخلها الخصي عليه مجردة، وبيده قضيب، فجعل يهوي به على جسدها، ويقول: هذا المتاع لو كان لنا متاع، اذهب بها إلى يزيد ثم قال: ادع لي ربيعة بن عمر الجرشي - وكان فقيها - فلما دخل عليه قال: إن هذه أتيت بها مجردة فرأيت منها ذاك وذاك، وإني أردت أن أبعث بها إلى يزيد، فقال الجرشي: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإنها لا تصلح له. فقال معاوية: نعم ما رأيت! ثم وهبها لعبد الله بن مسعدة الفزاري مولى فاطمة بنت رسول الله، وكان أسود، فقال له: بيض بها ولدك ...» •••
ونعود فنقول: إن الطبري يسند هذه الأخبار إلى أصحابها، ولا يسوقها مساق التشهير؛ لأنه اتخذ من هذا الخبر دليلا على فقه معاوية، فقال: «وهذا من فقه معاوية وتحريه؛ حيث كان نظر إليها بشهوة، ولكنه استضعف نفسه عنها، فتحرج أن يهبها لولده يزيد؛ لقوله تعالى:
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ، وقد وافقه على ذلك الفقيه ربيعة بن عمر الجرشي الدمشقي ...»
ناپیژندل شوی مخ