159

Muawiyah ibn Abi Sufyan: Commander of the Faithful and Scribe of the Prophet's Revelation - Dispelling Doubts and Refuting Fabrications

معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين ﷺ كشف شبهات ورد مفتريات

خپرندوی

دار الخلفاء الراشدين - الإسكندرية،مكتبة الأصولي - دمنهور

د خپرونکي ځای

مكتبة دار العلوم - البحيرة (مصر)

ژانرونه

فكان هذا هو عذر علي ﵁ في بداية الأمر، أما بعد ذلك فإن الأمور أصبحت أكثر تعقيدًا، وأشدّ اشتباهًا، خصوصًا بعدما اقتتل الصحابة ﵃ في معركة الجمل بغير اختيار منهم، وإنما بسبب المكيدة التي دبرها قتلة عثمان للوقيعة بينهم، فلم يكن أمر الاقتصاص مقدورًا عليه بعد هذه الأحداث لا لعلي، ولا لغيره من مخالفيه ﵃، وذلك لتفرق الأمة وانشغالها بما هو أولى منه من تسكين الفتنة ورأب الصدع.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: «لم يكن علي ﵁ مع تفرق الناس عليه متمكنًا من قتْل قتَلة عثمان ﵁، إلا بفتنة تزيد الأمر شرًّا وبلاءً. ودفع أفسد الفاسدين بالتزام أدناهما أولى من العكس، لأنهم كانوا عسكرًا، وكان لهم قبائل تغضب لهم» (١).
وأيًا كان عذر علي ﵁ فالمقصود هنا أنه لا يخالف بقية الصحابة المطالبين بدم عثمان ﵁ في وجوب الاقتصاص من قتلة عثمان ﵁ وهذا مما يدل على إجماع الصحابة ﵃ على هذه المسألة، والله تعالى أعلم.
ثانيًا: إن الصحابة ﵃ الذين اختلفوا في الفتنة لم يتهم بعضهم بعضًا في الدين، وإنما كان يرى كل فريق منهم أن مخالفه وإن كان مخطئًا، فهو مجتهد متأول، يعترف له بالفضل في الإسلام وحسن الصحبة لرسول الله ﵌.
وهذه مسألة مقررة عند أهل العلم أيضًا بما ثبت من ثناء الصحابة بعضهم على بعض ﵃ أجمعين.
فقد ثبت عن علي ﵁ على ما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية عن إسحاق بن راهويه بسنده إلى جعفر بن محمد عن أبيه قال: «سمع علي يوم الجمل أو يوم صِفِّين رجلًا يغلو في القول فقال: «لا تقولوا إلا خيرًا إنما هم قوم زعموا أنا بغَيْنا عليهم، وزعمنا أنهم بغوا علينا فقاتلناهم» (٢).

(١) منهاج السنة (٤/ ٤٠٧ - ٤٠٨).
(٢) نفس المصدر (٥/ ٢٤٤ - ٢٤٥).

1 / 172