مؤسس مصر حديثه

علي احمد شکري d. 1360 AH
49

مؤسس مصر حديثه

الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة

ژانرونه

5

وقد عهد بقيادتها إلى إبراهيم باشا. ولم تكن الحملة تامة كما كان يشتهي أبوه محمد علي، وقد عينه واليا على المورة وخوله السلطة التامة على الجنود وعلى بعض السفن

6

فقط؛ لأن السلطان كان قد عهد إلى قبطان باشا - ألا وهو خسرو باشا - بالقيادة البحرية العليا. وبذا تعددت القيادة، وهي عادة - وإن كانت جاءت بما يسوغ اتباعها - إلا أنها وضعت المبدأ الضار، ألا وهو تقسيم السلطة. ولقد لوحظ حتى في السفر أنه حدث دائما أنه عندما سلمت قيادة الجيش إلى شخص معين والأسطول إلى شخص آخر أن انشغل القائدان بالتنازع فيما بينهما عن السعي لإنزال الهزيمة بالعدو. وقد وصلنا إلى هذه النتيجة في الحالة التي نحن بصددها باختيار خسرو قبطان باشا، فلقد كان العداء بين خسرو ومحمد علي من الأيام التي طرد فيها خسرو بطريقة مهينة من ولاية محمد علي. وهكذا كان السلطان واثقا بأن قائدي الأسطول والجيش لن يتحدا على خلعه. كما أنه كان على يقين بأنهما لن يتقدما إليه بغنائم النصر المشترك الذي أحرزاه، وقد جاءت النتائج طبقا لما كان منتظرا، وكانت الخطة المرسومة أن يتقابل الأسطول التركي مع الحملة المصرية على مقربة من جزيرة رودس على أن يعقب ذلك الاستيلاء على منازل الملاحين المسلحين اليونانيين، ومن ثم تبدأ عملية فتح المورة من جديد. وكان محمد علي هو الذي وضع الخطة، وهي تدل أشد دلالة على عظم تقديره للسيادة البحرية، أما خسرو فقد بدأ بتنفيذ الخطة بإحكام؛ ففي اليوم الثالث من شهر يوليو استولى على جزيرة بسارا، وكانت بمثابة بؤرة القراصنة وتقع غرب ساقس.

أما جزيرة ساموس، فإن دورها كان بعد جزيرة بسارا، ولكن خسرو قضى نحو شهر في الاحتفال بما أحرزه من الانتصار؛ مما كانت نتيجته أن التقى غرب ساموس بعمارة من سفن اليونانيين، وقد أضاع خسرو في المعركة التي نشبت في 16 أغسطس بين الفريقين فرقاطتين وسفينة مسلحة. وإذ ذاك اضطرت العمارة التركية أن تولي الأدبار «بعد أن استولى عليها الرعب».

وقد وصل إبراهيم باشا إلى رودس في 13 أغسطس. وفي يوم 29 منه انضم إلى قبطان باشا بالقرب من بودرن عند الجهة القديمة المعروفة باسم «هاليكارناساس»، ثم وقعت عدة ملاحم في شهر سبتمبر مع اليونانيين، وكانوا هم البادئين بالهجوم على الدوام، وكان الحظ إلى جانبهم في كل مرة. هذا بينما لوحظ أن السفن التركية في الأسطول الإسلامي تسعى جهدها لاجتناب منازلة العدو. وفي نهاية الشهر استدعي خسرو إلى الآستانة مؤقتا، فلما انفرد إبراهيم بالأمر لم يسعه طبعا إلا أن يلتزم خطة الدفاع، ولكنه تمكن في نهاية العام من حشد سفنه ورجاله في خليج سودا في شمال كريت الشرقي بدون أن يعرض نفسه لخسارة تذكر.

ولا بد من الاعتراف هنا بأن هذه النتيجة السلبية كانت عملا باهرا جدا إذا ذكرنا العجلة التي اتبعت في إعداد عمارته، ولم تستسلم العمارة المصرية - وهي التي كانت تتجلى فيها عزيمة قائدها المقدام - للذعر الذي غمر خسرو عند التغلب عليه. ثم إن محمد علي في مصر كان آخر رجل في الوجود يستسلم للهزيمة؛ فقد قال في هذا الصدد: «أنا أعلم جيد العلم أنني لا أستطيع أن أنشئ أسطولا على رمال الأهرام وأنني لا محيص لي من تحمل الخسائر، ولكن سوف يكون لي أسطول قوي مهما طال الزمن، وهنالك أستطيع منازلة اليونانيين وقهرهم.»

7

وبمثل هذه المغامرة الباعثة على الإعجاب عكف الباشا على تعزيز أسطوله، وقد وصلت السفن الأربع التي كان سبق أن أوصى عليها في مصانع السفن الإيطالية.

ثم ابتاع الباشا له (بطريق غير مباشر) خمس سفن أخرى من الثوار اليونانيين، وكلف في الوقت نفسه أحد الضباط الفرنسيين بالعودة إلى فرنسا للحصول على إذن بإنشاء فرقاطتين وسفينة مسلحة في مصنع الملك تحت إشراف موظفين فرنسيين رسميين،

ناپیژندل شوی مخ