مؤسس مصر حديثه
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
ژانرونه
94
وإذ ذاك جندت أورطة جديدة، واستدعي الجيش من بلاد العرب وأنشئ معسكر قرابة 36 ألف جندي في دمنهور، وهو اختيار حكيم نظرا لتوسط مركز المدينة المذكورة، وقد تم هذا كله بنظام وترتيب لم يكن يعلم به هودجز.
95
ولكن هودجز نفسه بدأ يتأثر بطريقة معيشة ذلك الباشا المسن، كما بدأ يدرك مبلغ نشاطه وفرط ذكائه ، ولقد خشي إن هو تشدد معه أن يدفعه اليأس إلى إحداث انفجار عام «قد تنشأ عنه اتفاقات دولية جديدة أو تظهر فيه صوالح جديدة أو تسنح منه فرص يمكن أن تستخدم لمصلحته.»
96 «ولكن العام لم ينتصف حتى كان القلق الذي لا نهاية له قد بدأ يفعل فعله في صحة الباشا فلقد أثرت فيه نوبات الحمى والقلق.»
97
حتى إن القنصل العام الروسي عندما دخل عليه في أحد أيام شهر أغسطس ألفاه مستلقيا على الديوان في حالة نوم عميق، فأخبره محمد علي بأنه لم يذق طعم النوم لعدة ليال سويا. وبهذه المناسبة كتب القنصل المذكور: «إن حالة سموه الصحية تضاف إليها الآلام والعذاب التي كان على ما يظهر فريسة لها، هذا فضلا عما كان يبذله من الجهود للتغلب على روح السخط والتذمر التي نشأت عن موقفه الحاضر، ثم إلى جانب هذا الشعور المتناقض الذي يشعر به الرجل الذي بلغ الحلقة الثانية من العمر، ذلك الشعور الذي يعمل على هد القوى التي امتاز بها الباشا، إن هذه العوامل مجتمعة قد جعلت محادثاتنا مؤلمة إلى أقصى حد.»
98
ولكن الباشا برغم هذه العوامل كلها لم تفلت منه قدرته على القبض على ناصية الحال، كما لم تخنه مهارته في وزن الفرص وتقديرها، فلقد كان مثله كمثل المسيو تير؛ إذ أدرك بثاقب فكره أن الحلفاء لم يتوخوا السرعة في أعمالهم، وأن الحصار البحري متى أعلنوه لن يسفر عن نتيجة حاسمة مباشرة، وقد ارتأى له أنه يستطيع أن يعتمد لا على تأييد فرنسا المادي، بل على مساعدتها الأدبية. ثم إنه كان يعتقد اعتقادا جازما بأن شعور الجمهور الإنجليزي هو في صفة أكثر مما هو في صف الباب العالي؛ ولذا خيل إليه أنه إذا لم تأت طبق ما يشتهي فإنه يمكنه أن يضمن على الأقل أن يكون ملك مصر وراثيا في ذريته، أما لو تصدع التحالف من الناحية الأخرى لسبب من الأسباب فإنه قد يحصل على سوريا أيضا،
99
ناپیژندل شوی مخ