منهج الاعتدال
منهج الاعتدال
خپرندوی
دار التابعين بالرياض
د خپرونکي ځای
٢٠٠٢
ژانرونه
كلام الأقران:
من سنن الله في خلقه: أن يبتلى الأقران بعضهم ببعض، لحسد، أو دنيا، أو مصلحة، أو سوء ظن، أو سوءِ فهمٍ لمسألةٍ مُختلفٍ عليها، مع ما يصحب هذا من فظاظةِ ألفاظٍ، أو سوءِ أخلاقٍ، وتعمد أذية.
وقد يكون كلام بعضهم في بعض تأولًا أو اجتهادًا، كما حصل بين الصحابة رضوان الله عليهم، فقد قال معاذ في الشابِّ الذي ترك الصلاة وراءه: «منافق» وكان مؤمنًا صادقًا، وقال عمر ﵁ في حاطب: «منافق» وردَّ ذلك النبي ﷺ، وشهد لحاطب بالإيمان.
وقال علي ومعاوية كلاهما في أخيه ما قال، فلم يلتفت إلى ذلك أهل السنة، وكل من التفت إلى ذلك عُدَّ من أهل البدع والفتن.
قال ابن عبد البر ﵀ في جامعه [١٠٩٤] (١): "إن السلف ﵃ قد سبق من بعضهم في بعض كلام كثير منه في حال الغضب، ومنه ما حمله عليه الحسد، كما قال ابن عباس، ومالك بن دينار، وأبو حازم، ومنه على جهة التأويل مما لا يَلزم المقول فيه ما قال القائل، ...، ثم قال: ونحن نورد في هذا الباب من قول الأئمة الجلَّة الثقات السادة بعضهم في بعض مما لا يجب أن يلتفت فيهم إليه، ولا يعرج عليه" (٢).
وقد استفتح ابن عبد البر الباب الذي أشار إليه بحديث النبي ﷺ: «دب إليكم داء الأمم من قبلكم، الحسد والبغضاء ...» الحديث إشعارًا بأن معظم ما قيل في هذا الباب، هو من باب الحسد، وأن رسول الله ﷺ لم يستثن منه أحدًا، عالمًا كان أو جاهلًا، وجيهًا كان أو وضيعًا.
(١) معظم هذا البحث ملخص من كتاب ابن عبد البر «جامع بيان العلم وفضله» فليتنبه، فمن أراد مصادر الروايات فليرجع إليه.
(٢) وقد رأينا في خصومة الأقران عجائب من الكذب مبنية على احتمالات، وإلزامات لم نجد عند المتهم لها أصلًا، بل هو محض الخصومة والتشفي، فعلى المسلم العاقل أن يحذر من الوقوع في ذلك أو نقله.
1 / 231