60

مجمل أصول أهل السنة

مجمل أصول أهل السنة

ژانرونه

حكم الإشارة عند قراءة آيات وأحاديث الصفات السؤال إذا كانت طالبة تستمع إلى طالبة وهي تقرأ القرآن الكريم، ولكن عندما تشكل عليها آية أو تستصعب آية في حفظها تشير إلى بعض أجزاء الجسم، وإذا كان اسم من أسماء الله مثلًا أشارت إلى الأذن أو إلى البصر أنه سميع بصير من باب التطبيق، فهل هذا يقدح في العقيدة أو فيه سوء أدب مع الله ﷾؟ وهل الجارية التي يسألها الرسول ﷺ: أين الله؟ فأشارت إلى السماء، هل هذا فيه معنى التوجه أو الاتجاه؟ الجواب ما يتعلق بالإشارة إلى مواطن وأماكن الصفات في الإنسان عندما تورد أسماء الله وصفاته في القرآن حين التلاوة أو حين تذكر في القرآن أو في السنة أو كتب أهل العلم، فيه عدة محاذير: أولًا: يشعر بالتشبيه وبالتمثيل، والله ﷿ ليس كمثله شيء. ثانيًا: يوهم المبتدئ وطالب العلم غير المتمكن في العقيدة بل عامة المسلمين بأمور تدخل في أوهامهم وليست لائقة. ثالثًا: أنه سوء أدب مع الله ﷿. رابعًا: أن هذا الأمر لو اتخذ لأدى إلى فتنة عظيمة، فتنة الناس في التعلق بالمخلوقات من خلال صفات الخالق ﷿، وهذا باب بدعة وفتنة يجب سده، وقد ورد عن النبي ﷺ أنه أشار أحيانًا عندما ذكر بعض الصفات إما إلى أصبعه أو إلى كفه، أو أقر من فعل ذلك، لكن هذا ليس شرطًا في رواية الحديث، والمسألة على خلاف عند أئمة الحديث، فهل نروي الحديث كما رواه النبي ﷺ؟ فيصبح هذا موقوفًا على ما فعله النبي ﷺ لا نزيد عليه، وعليه فإن أئمة الحديث المعتبرين يرون أن هذا لا يجوز، خاصة بعد أن خاض الناس في أسماء الله وصفاته، وبعدما وجد من يسمون بالمجسمة والممثلة الذين قالوا الكفر العظيم في تجسيم الله وتمثيله، فإنه لما وجد هذا فإنه يجب أن يحذر منه. وإثبات الصفات لله ﷿ كما هو مذهب السلف ليس تجسيمًا ولا تمثيلًا، وربما يقفز إلى أذهان بعض الناس أن إثبات الصفات لله ﷿ كما يفعل السلف أنه تجسيم وهذا خطأ، لأن التجسيم: هو اعتقاد أن لله ﷿ صفات مثل صفات المخلوقين، ويسمى التمثيل على الاصطلاح الشرعي. فهذا الأمر يجب تجنبه؛ ولذلك أثر عن الإمام أحمد ﵀ أنه بعدما صارت فتنة الجهمية وصاروا يخوضون في هذه الأمور، أنه لما روى أحد طلاب العلم عنده حديث النبي ﷺ الذي أقر فيه رفع الأصبع في ذكر بعض أفعال الله ﷿، قال الإمام أحمد: قطعها الله من أصبع؛ لأنه رأى أن هذا يشوش على الناس، والحاضرون ليسوا كلهم من أهل العلم الذين يفقهون. أما إشارة الجارية إلى السماء، فلا شك أن هذا دليل قطعي فطري على علو الله ﷿؛ لأن الجارية سئلت سؤالًا مفاجئًا من النبي ﷺ وهو المشرع، وأجابت جوابًا بينًا واضحًا، وهذا كان في مقام التشريع، والنبي ﷺ مشرع في أمر يتعلق بالله ﷿، فحينما سألها: أين الله؟ أشارت إلى السماء، فهذا تقرير دين يجب أن ندين الله به، وأن الله موصوف بالعلو بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، لكن لا يعني ذلك أن نستعمل هذه الكلمة دائمًا في امتحان الناس كما يفعل بعض الجاهلين إذا أراد أن يختبر أحدًا من المسلمين في صلاح أو استقامة عقيدته ذهب يسأله هذا السؤال، فهذا مصدر فتنة؛ لأنه ليس كل أحد يعرف هذه السنة، وليس كل أحد يعرف كيف يجيب، فلا ينبغي السؤال إلا في مثل المقام الذي حدث أو السبب الذي حدث في عهد النبي ﷺ مقيدًا بتلك الشروط إن جاز فعله.

2 / 17