فصل
وأما مشايخ الزي، فلما أعرضوا عن مجموع أمر الله تعالى، فطلبوا الدنيا وطاب لهم أكلها بما يظهرون من الزي والحال، وحسن السمت، ومد العنق، وحب الشهرة والقبول ، ومحبة الاستتباع والاتباع في الدنيا ، داهنوا لهذه الأغراض الملوك والأمراء، إبقاء على رئاستهم، وكرهوا أن يصدعوهم، فصار سكوتهم حجة لظلم الظالم.
وأما أهل الانحراف من أهل الزي، الذين شأنهم الستجلاب قلوب الجهال والبطلة، والنساء، والفلاحين ، بإظهار السماع والرقص ، ودعوى أنهم أهل المحبة ، والمعرفة، والاتصال بالله، والتصوف، فاتخذوا هذه الدعوى سبيلا إلى أكل أموال الناس بالباطل، والتمتع بنسائهم وصبيانهم بعقد المؤاخاة، والمضاجعة معهم، فإن أحدهم - على زعمهم - إنما يضاجع أخته أو أخاه، وذلك عندهم لا بأس به إذا كان القلب نظيفا !!
يتقربون إلى الأمراء لنيل الدراهم والجاه عندهم ، ويزوكرون بالصياح والثهد عندهم، والأمراء منغمسون في الفواحش والمظالم، قد أظلمت قلوبهم، وعميت عن الحق أبصارهم، فصاروا لا يعرفون التمييز بين الحق والباطل، ولا بين الصادق والكاذب، فيرون شيخا معه جمع كثير، عليهم المرقعات، قد أحسنوا زيهم، وتزينوا للخلق باجتماعهم وعكوفهم على شيخهم يعظمونه ويقبلون يده ، وكيف لا وهو دكانهم، وسبب إلى نيل معاشهم.
بهذه الصورة تقوم صورهم، إذ لولاها لماتوا جوعا، فهو لهم صنم يرتقون به والحادي صنم آخر ، على حسه يجتمع الناس ، ويؤلف بينهم ، فالشيخ هو محل الوهم الذي يوهمون به الخلق، وأن هذا هو، وهو والحادي كطبل المشعبذ، يجمع الناس على ذلك الوهم الفاسد ، فينتج من اجتماعهم ميل القلب إليهم، ومحبتهم لهم، وصنعة الطعام لاجتماعهم، ولا بد من أولاد حسان وزوجات وضيئات، فإذا
مخ ۲۳۲