و لا يعتني بقضاء حاجة مضطر ملهوف، فإنه من القاسية قلوبهم ، المعرضين عن ربهم، قلبه بعيد من الآخرة، متعلق بالدنيا، علمه دكانه، ويتأكل ويرتزق، ولا يعامل الله بعلمه إلا قليلا، يسكت عن الحق خشية سقوط منزلته، ويمالئ على الباطل طلبا للرفعة، فما أبعد هذا عن الله وعن طريقه، علمه حجة عليه.
ومتى رأيتم العالم قليل الووع في كلامه ، يتكلم مجازفة ، ويكذب أحيانا ، ويستعمل الهزل واللعب، ويذكر المردان، ويميل إليهم، أو رأيتموه قليل الورع في المأكل والمشرب، والمدخل والمخرج، لا يبالي ما أكل حلالا كان أو حراما فاتهموه على علمه وعلى دينه، ولا تقلدوه أموركم، واحذروه أن يسلبكم دينكم، بتهوينه للأشياء الصغيرة من الحرام والشبهات، يسرق بذلك عقولكم، فيستدرجكم من حيث لا تعلمون.
ومتى رأيتم العالم يقبل الهدية من المستفتي ويفتيه على غرضه ، ويدخل في التأويلات والشبهات، كمسألة الاستحلال ، ومسألة الربا والمعاملة، ولا تجدونه متعففا في معيشته ، ترونه طامعا في أموال الناس ، يداخل القضاة ليولوه الولايات، مع شرهه على الدنيا ، وقلة ورعه ومبالاته بالحلال والحرام ، فاتهموه على علمه ودينه.
ومتى رأيتم عالما في عقله سخافة، وفي نظره قصور، يضع الأشياء - غالبا - في غير مواضعها، فاتهموه على استنباطه وعلمه ورأيه، ولا تقلدوه ومتى رأيتم العالم لا يتمم صلاته المفروضة ، ولا يطمئن في ركوعه وسجودها، ولا يحضر مع قراءته فيها بالخشوع والحضور، والتدبر والترتيل فاتهموه بقساوة القلب، وبعده عن الرب عز وجل.
ومتى وجدتم العالم لا معاملة له مع ربه عز وجل ، تظهر عليه بهجتها وأنوارها وسكينتها ، من تلاوة وصيام وقيام، فاعلموا أنه قليل النصيب من ثمرة العلم إذ ثمرة العلم المعاملة ، وقليل النصيب من المحبة والخشية، و( إنما يخشى الله من عباده العلماء) .
مخ ۲۳۸