بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الملك الحق المبين ، باسط الرزق ذي القوة المتين ، منزل الوحي على المرسلين ، باعثهم إلى الكافة ( مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )، وقد أوضح طريق مراضيه ومساخطه بالتبيين، وفرق بكتابه، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بين الضلال المشين ، المردي في طبقات سجين ، وبين الهدى المرقي إلى درجات الفردوس في عليين، وبعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحجة البالغة، والدلالة الواضحة، وجعله بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه، وسراجا منيرا، فتح الله صلى الله عليه وسلم ببعثته عيونا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، فتلقحت بنوره العقول، واستقامت به الأعمال في طريق الوصول، واكتسبت الفطر من شمائله كرائم الأخلاق، فكان لها نهاية السلوك، وانجذبت الأرواح بالمحبة إلى فاطرها العلي ، فارتفعت إلى قربه صاعدة من السفول، راقية من دركات الإبعاد، ومهاوي الأضداد والنزول، وكمل الأمة بنبيها محمد صلى الله عليه وسلم غاية المأمول - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه - وخصه بالمقام المحمود، وقدم الصدق الثابت ، الذي لا يتزلزل ولا يزول، ورزقنا اتباعه، وسلوك نهجه المضيء، الذي لا ضلالة فيه، ولا لإضاءته أفول، وبعد: فهذه نصيحة كتبتها إلى إخواني المؤمنين في الآفاق - جمعنا الله وإياهم في حضرة قدسه يوم التلاق وذلك لما كان في النصيحة لله ، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر من المندوب ، الذي لا يسع المؤمن تركه ، ولا الإعراض عنه خصوصا في هذه الأزمنة المتباعدة عن زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فلها اليوم سبعمئة سنة وكسور، فحدثت في هذه المدة الطويلة الأحداث، وكثرت البدع وتشربتها النفوس فقذفت بمقدار ما تشربته من البدع المنكرة سننا معروفة، فصار الإسلام غريبا وأهله غرباء، كما اخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد رحم الله الأمة بأن أقام لها في كل قرن أعلاما يكونون لدينه أنصارا
مخ ۲۲۹