وأما الحسد، فالاغتمام بالخير الواصل إلى المستحق، الذي يعرفه الحاسد. وأما الشماتة، فالفرح بالشر الواصل إلى غير المستحق، ممن يعرفه الشامت. وأما العدالة، فجامعة لجميع الفضائل والجور المقابل لها، فجامع لجميع الرذائل، وما من خلق من هذه الأخلاق، إلا وقد ورد في فضائله أخبار باعثة عليه، وفي رذائله زواجر عنه، ولم نر تطويل الكتاب بها، فليطلب ذلك من آداب النبي ﵇، وغيره من الكتب، وإنما الغرض بيان أن الإنسان بسبب هذه القوى الثلاث يحصّل هذه الأخلاق كلها. ولكل واحد طرفان وواسطة، وهو مأمور بالتوسط والاستقامة بين طرفي الإفراط والتفريط في جملة ذلك. حتى إذا حصل ذلك كله، كمل كمالًا بقربه إلى الله تقريبًا، بالرتبة لا بالمكان، بحسب قرب الملائكة المقربين من الله ﷿. فلله البهاء الأعظم، والكمال الأتم. وكل موجود فمشتاق إلى الكمال الممكن له، وهو غايته المطلوبة منه، فإن ناله التحق بأفق العالم الذي فوقه،