Mixing between Men and Women
الاختلاط بين الرجال والنساء
خپرندوی
دار اليسر
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
ژانرونه
القاعدة الخامسة:
من قواعد الشريعة: أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
قال الشيخ ابن عثيمين ﵀: «الوسائل لها أحكام المقاصد؛ فوسائل المأمورات مأمور بها، ووسائل المنهيات منهي عنها» (١).
ويوضح هذه القاعدة الإمام ابن القيم ﵀ حيث يقول: «لَمَّا كَانَتْ الْمَقَاصِدُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا إلَّا بِأَسْبَابٍ وَطُرُقٍ تُفْضِي إلَيْهَا كَانَتْ طُرُقُهَا وَأَسْبَابُهَا تَابِعَةً لَهَا مُعْتَبَرَةً بِهَا، فَوَسَائِلُ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَعَاصِي فِي كَرَاهَتِهَا وَالْمَنْعِ مِنْهَا بِحَسَبِ إفْضَائِهَا إلَى غَايَاتِهَا وَارْتِبَاطَاتِهَا بِهَا، وَوَسَائِلُ الطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ فِي مَحَبَّتِهَا وَالْإِذْنِ فِيهَا بِحَسَبِ إفْضَائِهَا إلَى غَايَتِهَا؛ فَوَسِيلَةُ الْمَقْصُودِ تَابِعَةٌ لِلْمَقْصُودِ، وَكِلَاهُمَا مَقْصُودٌ، لَكِنَّهُ مَقْصُودٌ قَصْدَ الْغَايَاتِ، وَهِيَ مَقْصُودَةٌ قَصْدَ الْوَسَائِلِ؛ فَإِذَا حَرَّمَ الرَّبُّ تَعَالَى شَيْئًا وَلَهُ طُرُقٌ وَوَسَائِلُ تُفْضِي إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُهَا وَيَمْنَعُ مِنْهَا، تَحْقِيقًا لِتَحْرِيمِهِ، وَتَثْبِيتًا لَهُ، وَمَنْعًا أَنْ يُقْرَبَ حِمَاهُ، وَلَوْ أَبَاحَ الْوَسَائِلَ وَالذَّرَائِعَ الْمُفْضِيَةَ إلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلتَّحْرِيمِ، وَإِغْرَاءً لِلنُّفُوسِ بِهِ، وَحِكْمَتُهُ تَعَالَى وَعِلْمُهُ يَأْبَى ذَلِكَ كُلَّ الْإِبَاءِ، بَلْ سِيَاسَةُ مُلُوكِ الدُّنْيَا تَأْبَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ إذَا مَنَعَ جُنْدَهُ أَوْ رَعِيَّتَهُ أَوْ أَهْلَ بَيْتِهِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ أَبَاحَ لَهُمْ الطُّرُقَ وَالْأَسْبَابَ وَالذَّرَائِعَ الْمُوَصِّلَةَ إلَيْهِ لَعُدَّ مُتَنَاقِضًا، وَلَحَصَلَ مِنْ رَعِيَّتِهِ وَجُنْدِهِ ضِدُّ مَقْصُودِهِ.
وَكَذَلِكَ الْأَطِبَّاءُ إذَا أَرَادُوا حَسْمَ الدَّاءِ مَنَعُوا صَاحِبَهُ مِنْ الطُّرُقِ وَالذَّرَائِعِ الْمُوَصِّلَةِ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَسَدَ عَلَيْهِمْ مَا يَرُومُونَ إصْلَاحَهُ. فَمَا الظَّنُّ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْكَامِلَةِ الَّتِي هِيَ فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَالْكَمَالِ؟ وَمَنْ تَأَمَّلَ مَصَادِرَهَا وَمَوَارِدَهَا عَلِمَ أَنَّ اللهَ - تَعَالَى ـ
(١) الأصول من علم الأصول (ص٢٣).
1 / 110