Mistakes Made by Some Women
مخالفات تقع فيها بعض النساء
ژانرونه
مخالفات تقع فيها بعض النساء - مكانة المرأة في الإسلام
الإسلام لقد كانت المرأة في الجاهلية مهدورة الكرامة، أما الإسلام فقد أعطاها منزلة رفيعة، وأمرها بآداب وأخلاف يكون بها صلاحها وصلاح المجتمع، وإن لم تتحلَّ بها فقد تقع في مخالفات شرعية من أعظمها: التبرج السافر في اللباس والنقاب، وخروجها متعطرة إلى المساجد أو غيرها.
1 / 1
مكانة المرأة في الجاهلية والإسلام
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: مكانة المرأة في الإسلام عظيمة جدًا بعدما كانت في الجاهلية مهدورة الكرامة كالزي البالي الخلق، وقد صور الله لنا حالها في الجاهلية تصويرًا بديعًا بقوله جل في علاه: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ [التكوير:٨ - ٩] فما كان لها كرامة، بل كان الرجل إذا تزوج امرأة في الجاهلية ومات عنها فإنها تصبح ملكًا لأوليائه أو لورثته، فيرثها أخوه أو أبوه، وقد تكون جارية، أو يتزوجها أخوه، ولا يمكن أن تنفك عنهم بحال من الأحوال، ثم جاء الإسلام وعظمَّ مكانة المرأة وقيمتها وكرامتها، وأحيا فيها الأخلاقيات السامية مثل الحياء وغيره فأراد الإسلام أن يجعل المرأة في سياج عظيم، ويوقر مكانتها، ويبين احترامها لنفسها ولغيرها، فوضع لها ضوابط لا بد أن تسير عليها.
1 / 2
الضوابط الإسلامية للمرأة
من الضوابط التي لا بد للمرأة أن تتحلى بها: أن تقر في بيتها ولا تخرج إلا لحاجة، قال الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾ [الأحزاب:٣٣] والنبي ﷺ يبين أن أفضل العبادات على الإطلاق هي الصلاة التي هي صلة بين العبد وبين ربه جل في علاه، ثم بين مكانة الصلاة في المساجد، وأن المرأة لا تمنع منها إن أتت بالضوابط، فقال النبي ﷺ: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) ثم بين لهن الخيرية في ذلك وهو صلاتهن في بيوتهن، فقال: (وبيوتهن خير لهن).
ولما رأت عائشة في زمن أواخر الصحابة ما تفعله النساء، قالت: لو رأى النبي ﷺ ما تفعل النساء ما رخص لهن بالخروج في المساجد، فما منعت نساء بني إسرائيل من المساجد إلا لذلك.
فالنبي ﷺ جعل للمرأة ضوابط للخروج من البيت إلى المسجد، فلابد للمرأة أن تتحلى بها.
والمخالفات التي تقع فيها النساء عظيمة جدًا، فالمرأة تأثيرها على الرجل بالبصر وبالشم، وهي لا تتأثر بالرجل إلا باللمس أو بالهمس، فالمرأة من قوة تأثيرها على الرجال أنها تهيج غرائزه، أي: تحركها بمجرد البصر، والمرأة حباها الله جل في علاه مقومات في شخصيتها وفي جسدها يمكن أن يتأثر بها الرجل، وأما المرأة فلا تتأثر إلا باللمس أو بالهمس، أي: بالغزل أو بالكلام الطيب، فخطورة المرأة على الرجل أشد من خطورة الرجل على المرأة، وهذا هو الذي جعل بعض العلماء يقول: إنه يجوز للمرأة أن تنظر للرجال بشرط أن يكون نظرًا عامًا، لا نظرًا فيه شهوة، ولهم في ذلك أدلة قوية منها: المرأة الخثعمية التي وقفت تسأل النبي ﷺ، فكانت تنظر للفضل بن عباس والفضل ينظر لها، فأخذ النبي ﷺ فأدار وجه المرأة الخثعمية بعصاه، وأدار وجه الفضل بيده، ولم ينكر على المرأة، فهذا فيه دلالة على أن المرأة لها أن تنظر إلى الرجل نظرًا عامًا لا نظرًا خاصًا أو بشهوة.
وأيضًا: الحديث الصحيح أن عائشة كانت تحب كثيرًا أن تترفع على نساء النبي، وتظهر مكانتها عند النبي ﷺ.
في ذات يوم أرادت إظهار مكانتها إذ دخل عليها النبي ﷺ فسألته: أتحبني؟ (فقال: أحبك، فتقول: وما علامة ذلك؟ فيقول النبي ﷺ: خذي هذا الدرهم علامة على حبي لكِ) فكانت تترفع بذلك على نساء النبي ﷺ، وكان ﷺ عادلًا في قسمته، فلما أعطاها الدرهم ذهب إلى كل امرأة من أزواجه فأعطى كل واحدة منهن درهمًا، فلما اجتمعن جميعًا في مكان واحد ومعهن رسول الله ﷺ، قامت عائشة فقالت: (يا رسول الله! من أحب النساء إليك؟ قال: التي أعطيتها درهمًا).
وفي أحد الأعياد والحبشة يلعبون في المسجد بالحراب، فأخذت عائشة تنظر إليهم، فتضع خدها على خد رسول الله، ونساء النبي يشهدن مكانتها وموقعها عند النبي ﷺ، فيقول لها: (اكتفيتِ؟ فتقول: لا، ما اكتفيت، وتقول: ليس لي حظ في الرؤية) أي: أنها لا تريد أن ترى الحبشة وهم يلعبون، وإنما تريد أن تري النساء مكانتها عند رسول الله ﷺ.
والشاهد من هذه القصة: أن رسول الله ﷺ أباح لها أن ترى الحبشة وهم يلعبون بالحراب في المسجد، ولم ينكر عليها، فهذا إقرار من النبي ﷺ، فلذلك قال العلماء: يجوز للمرأة؛ أن ترى الرجال أو تنظر إليه نظرًا عامًا، وهذا القول من الوجاهة بمكان، والأحوط لها أن لا تنظر.
ولما كان الرجل يتأثر سريعًا بالنظر إلى المرأة فقد وضع الله جل في علاه سياجًا على المرأة، بأن لا تخرج من البيت إلا لحاجة، فإذا خرجت فلا بد لها أن تلتزم بآداب معينة، فلا تتبرج قال تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾ [الأحزاب:٣٣].
1 / 3
صور التبرج الذي نهى الله عنه
التبرج السافر الذي يراه كل أحد له ألوان متعددة، فمنه: أولًا: التبرج الحضاري العصري، وهو أن تلبس المرأة عباءة تصف أجزاءها وأعضاءها، بأن تكون على الكتف فتحده وتظهر العضو أمام الرجال، فهذا من التبرج بمكان؛ لأنه يصف.
أيضًا: إن كان اللباس ضيقًا فإنه يظهر أجزاء المرأة وأعضاءها فهذا تبرج.
وأيضًا: النقاب الذي إلى الوجنة؛ ليظهر بياض البشرة مع سواد النقاب، فإنه يفتن الرجال وإن كانوا ملتزمين، فالنقاب لا يجعل للمرأة احترامها وكرامتها، فإنه يجعل الرجال يغازلونها ويعاكسونها، خاصة إذا لم يكن وليها رقيبًا عليها، ولم تحترم نفسها، لأن النقاب في حد ذاته فتنة، فلو ألبست بقرة النقاب وأظهرت عينيها فقط، فإن الإنسان سيفتتن بها؛ لأنه شغوف فيما أخفي عنه، فللمرأة أن تتقي الله في زيها وأن تنتقب النقاب الصحيح، بأن ترفعه إلى العين، وإن كانت لا تستطيع الرؤية بذلك فتفعل بما قاله ابن عباس بأن تغطي العين اليمنى وتبقي العين اليسرى فقط؛ لترى بها، ولا تظهر شيئًا من الوجنة أو من الحاجب أو من الجبين؛ حتى لا تفتن ولا تفتن.
إذًا: المخالفة الأولى هي في الزي الذي ترتديه المرأة المنتقبة، بأن يكون ضيقًا بحيث يحد أو يصف العضو، أو تلبس العباءة على الكتف فتصف جسدها فيكون هذا من التبرج بمكان، أو تلبس النقاب المشهور الآن مع خلع القفازين، فإن كانت المرأة لا تعتقد وجوب النقاب، فالأفضل لها أن تخلعه وتكون سافرة الوجه؛ لأنَّ هذا النقاب يثير غرائز الرجال.
ثانيًا: خروج المرأة المنتقبة إلى المساجد، فإنها تقع عند ذلك في مخالفات، أهمها: التطيب أو التعطر، وللمرأة في نساء الأنصار أسوة حسنة، لما أنزل الله جل في علاه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب:٥٩]، وقال الله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ [النور:٣١] قالت عائشة: رحم الله نساء الأنصار عمدن إلى مروطهن فتلفعن بها.
وفي الرواية في الصحيح قالت: كن يصلين مع النبي ﷺ الفجر متلفعات بمروطهن -ثم وصفت وصفًا عجيبًا لا بد لكل امرأة أن تدقق في هذا الوصف- كأنهن الغرابيب السود.
فالغراب الأسود لا يرى منه أي شيء إلا العين، فعلى المرأة أن تتحلى بهذا الزي ويكون لها أسوة بنساء الأنصار وتسارع لأوامر الله وأوامر رسوله ﷺ.
فإذا خرجت المرأة إلى المسجد، فلا بد لها أن تتأدب بآداب الخروج إلى المساجد، بعدم التطيب أو التعطر وللمرأة طيبان: الطيب الأول: لون لا رائحة فيه.
كما قال النبي ﷺ: (طيب المرأة لون لا رائحة فيه، وطيب الرجال رائحة ليس فيه لون) إن صح الأثر، لكن الصحيح الراجح أن للمرأة طيبين، الطيب الأول: طيب لا رائحة فيه، أي: له لون دون رائحة.
والطيب الثاني: له رائحة، وهذا محظور عليها أن تتطيب به، فإن خرجت متعطرة أتاها الوعيد الشديد، وهذا من الكبائر، فلو وضعت الطيب في إصبعها أو تحت الأذن وخرجت إلى المسجد أو إلى غيره، فقد فعلت كبيرة مثل الزنا؛ لأن النبي ﷺ سمى ذلك زنا، قال النبي ﷺ: (إذا خرجت المرأة متعطرة أو قال: إذا تطيبت المرأة وخرجت ليجد القوم ريحها فهي زانية) وهذا تصريح من النبي ﷺ ولا يحتاج إلى أدنى تأويل.
فقوله ﷺ الله: (ليجد القوم ريحها) يعني: أن تكون قاصدة لذلك.
والأعجب من ذلك: أن المرأة إذا خرجت متطيبة ودخلت المسجد وصلت صلاة العصر -مثلًا- فصلاتها باطلة، وهذا من العجب بمكان إذ أن الصلاة صحيحة بشروطها وأركانها، ومع ذلك فصلاتها باطلة، وهذا على القول الراجح من أقوال العلماء؛ لقول النبي ﷺ: (إذا تطيبت المرأة فخرجت إلى المسجد لا تقبل صلاتها حتى تغتسل).
وهذه الرواية عن أبي هريرة، فالراوي أعلم بما روى، فـ أبو هريرة ﵁ وأرضاه رأى امرأةً خرجت من المسجد فاشتم طيبها، فقال لها: أصليتِ العشاء؟ قالت: نعم.
قال: ارجعي فاغتسلي فأعيدي صلاتك، وروى قول النبي ﷺ: (إذا تطيبت المرأة فخرجت إلى المسجد لا يقبل الله صلاتها حتى تغتسل).
إذًا: فالمخالفة الثانية التي تقع فيها النساء: خروجهن متطيبات، فلا يصح لهن الخروج متطيبات حتى يغتسلن، وتضيع هذه الرائحة، حتى ولو كانت الرائحة رائحة الصابون الذي تغتسل به المرأة، فلا يخرجن إلى المساجد إلا تفلات، ومن باب أولى أن لا يخرجن إلى الأسواق إلاّ تفلات؛ لأن هذا المحظور إن كان في المساجد فهو في الأسواق والمجتمعات يكون أشد حظرًا.
1 / 4
مخالفات تقع فيها بعض النساء - حكم المتنمصة والواشمة والواصلة
فتنة النساء فتنة عظيمة على الرجال، ولأجل ذلك فقد حرم الله تعالى على المؤمنين النظر إليهن والخلوة بهن؛ لأن ذلك بريد الزنا، ولكن الشيطان وسوس إلى النساء، ففعلن أفعالًا تغير خلق الله، وتخفي وراءها التسخط من أقدار الله، فنهاهن النبي ﷺ عن ذلك، بل زاد في النهي أن لعن الواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، والمتفلجة للحسن المغيرة لخلق الله.
2 / 1
مقدمة في خطر فتنة النساء
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فقال رسول الله ﷺ: (إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون؟ فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النسا)، وإن الشيطان قد أقسم قسمًا إلى يوم القيامة، وعزم على نفسه أن يضل القوم، قال تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء:١١٩]، وقد علم الشيطان بأن النساء يمتكلن التأثير القوي على الرجال، وأنهن الحبائل أو الشراك القوي للشيطان، والسهم القاتل من أسهمه، فلهن تأثير عالٍ على الرجال بما حباهن الله من مقومات.
فالمرأة جعل الله لها حدودًا حدها، حتى لا تتعداها في بيتها أو في غيره، فهو يعلم أن المرأة ضعيفة تحب أن يرى الناس جمالها، وقد قال الله جل في علاه مصورًا تصويرًا بديعًا هذه المسألة بالذات: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف:١٨]، فالمرأة لا تستطيع أن تعرب عما بداخلها، لكنها تستطيع أن تزين نفسها وتظهر مواطن الجمال فيها، ولما علم الله منهن أنهن يسارعن إلى التجمل منعهن من أمور تكون سببًا للمعاصي.
2 / 2
تعريف الوشم
إن من الأمور التي منعت منها المرأة الوشم، وسنذكر ما يتعلق بهذه المعصية التي تقع فيها بعض النساء.
والوشم: هو رسم في اليد، أو رسم في العضد، أو رسم في الذقن، وتفعله المرأة، كما أنه قد يفعله الرجل تصنعًا والوشم بالنسبة للمرأة: هو غرس الإبرة في الجلد حتى يخرج الدم، فيضع فيه الكحل أو أي لون آخر حتى يظهر ذلك بلون ملفت للنظر.
2 / 3
حكم الوشم
قد جاء عنه ﷺ أنه نهى عن الوشم، وجاء في البخاري ومسلم أن النبي ﷺ قال: (لعن رسول الله ﷺ الواشمة والمستوشمة)، واللعن يدل دلالة واضحة على أن الوشم من الكبائر؛ لأن العلماء قالوا في ضوابط الكبائر: إن للكبائر ثلاثة أمور تعرف بها: منها: أن يكون فيه حد، كالزنا وشرب الخمر.
ومنها: الإخبار بانتفاء الإيمان عن صاحبها، وذلك كقوله ﷺ: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وهذا الحديث يدخل في معناه ما تفعله بعض النساء من التعنت مع زوجها، وتمنعه من الزواج بامرأة أخرى، وهو يستطيع بدنيًا وماديًا، وعنده عزم في نفسه أن يعدل، وهذا المرأة تدخل تحت الحديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) فإن هذه المرأة لو مات عنها زوجها، أو طلقت فإنها ستشتاق إلى أن تتزوج، فإن كانت تعلم ذلك من نفسها فلتضع نفسها مكان أختها التي طلقت أو التي مات عنها زوجها، ولتتذكر حديث النبي ﷺ: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فعليها أن تنحي هواها جانبًا.
إن قول النبي ﷺ: (لا يؤمن)، هو نفي للإيمان، ويدل على أن الذي لا يحب لأخيه ما يحبه لنفسه يقع في الكبائر، وذلك قول النبي ﷺ: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، ففي هذا دلالة على أن الزنا من الكبائر؛ لأنه نفي الإيمان عن صاحبه.
ومما يدل على الكبيرة: لعن صاحبها، ومثل ذلك قوله ﷺ: (لعن الله زوارات القبور)، وزوارات القبور: هن اللاتي يكثرن زيارة القبور، فهن ملعونات، وهذا يدل على أن ذلك كبيرة؛ للعن النبي ﷺ فاعل ذلك.
2 / 4
حكم التنمص والتفلج
جاء في الحديث عن النبي ﷺ كما في البخاري ومسلم أنه قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات)، وفي رواية أخرى قال: (لعن الله الواصلة والمستوصلة)، وقال في الرواية الأخرى أيضًا: (المتفلجات للحسن، المغيرات لخلق الله).
فهنا يذكر النبي ﷺ الحكم ويذكر العلة، وذلك إذ أخبر أن فعل هذه الأشياء كبيرة، ملعونة فاعلتها، فلا يجوز للمرأة أن تفعل ذلك، أما لو فعلت المرأة ذلك قبل أن تعلم، فعليها أن تتوب إلى الله توبة نصوحًا، وإن استطاعت أن تضيع ذلك من وجهها أو يديها دون ضرر فعليها أن تفعل ذلك، وإن كان الضرر محققًا فلا شيء عليها، وتكفيها التوبة إلى الله جل في علاه.
2 / 5
معنى النمص والخلاف فيه
قال ﷺ: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات)، والنمص في اللغة: هو نتف الشعر عمومًا، سواء كان من الحاجب أو من الوجه أو من الورك أو من اليد أو من الرجل أو الساق، فاللغة توافق قول من قال: لا يجوز لامرأة بحال من الأحوال أن تأخذ من أي مكان من شعر جسدها، فالنتف أو النمص هو نتف الشعر عمومًا، ولا يختص بالحاجب فقط.
وجمهور أهل العلم وهو ترجيح النووي أن النمص: هو نتف شعر الحاجب فقط، لا شعر الوجه، وهذا الخلاف مآله إلى اللغة، فالشيخ الألباني يأخذ بقول ابن جرير الطبري ويقول: لو كان للمرأة شارب أو لحية، أو اشتد الشعر على الساق والرجل أو الورك فلا يجوز أن تنزع هذا الشعر؛ لأنها ستصاب بلعنة النبي ﷺ.
والراجح الصحيح هو قول الجمهور؛ لأننا لو قلنا بالقول الأول لشق على النساء ذلك، فيدخل الرجل على امرأته ويجدها ذات لحية فيطلقها، فلو قلنا بقول الألباني ومن معه لطلقت كل النساء، ولتقزز الرجال من النساء، فلا يصح هذا القول بحال من الأحوال، وليس له سلف إلا ابن جرير، وابن جرير قد خالف هنا جماهير أهل العلم.
فالنمص المحرم إنما هو في الحاجب، على تفصيل، فهناك رواية عن أحمد أن العبسة التي بين الحاجبين يمكن للمرأة أن تنزعها أو تأخذها بالمقص.
قال: ولو كان هناك شعر زائد يمكن أن تأخذه المرأة بالمقص، فليس بنمص، إذ النمص هو النتف، هذا هو قول الحنابلة، ورجحه الشيخ ابن عثيمين، وهذا القول وإن كان وجيهًا، لكنه مخالف لكثير من أهل العلم الذين قالوا: النمص هو نتف الشعر، سواء بالمقص أو بغيره، فهو نمص يدخل تحت عموم لعن النبي ﷺ بقوله: (لعن الله النامصات والمتنمصات).
ويستثنى من ذلك حالة واحدة يمكن للمرأة أن تأخذ من شعر الحاجب، وذلك إذا نزل الحاجب على العين ولم تستطع الرؤية إلا بقصه، فلها أن تقص هذا القدر الزائد كيما ترى، ولا يجوز أن تقص ما بعده؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، والضرورات تقدر بقدرها.
إذًا: فالوشم والنمص جاء فيهما اللعن، فهما من الكبائر.
2 / 6
تفليج الأسنان
جاء في الحديث: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن)، والتفلج: هو برد الأسنان والمباعدة بين السن والأخرى؛ حتى تظهر سنها الصغير، وتظهر مواطن الجمال فيها، وقد بين النبي ﷺ العلة بقوله: (والمتفلجات للحسن)، وكأن النبي ﷺ يشير بهذا القيد إلى ذم المتفلجات للحسن لا للعلاج، فما كان للعلاج فلا يدخل تحت هذا الوعيد.
فالمرأة التي تعمل تقويمًا للأسنان، فبردت أسنانها لحشو سن معين فإنه يجوز لها ذلك، والنهي هنا خاص بما كان مخصصًا للحسن، وهذه هي الحكمة من التحريم؛ لأنهن إذا فعلن ذلك غيرن خلق الله جل في علاه، وتسخطن على أقدار الله جل في علاه؛ لأنها إن رضيت بالله ربًا أي: خالقًا، وهو قد خلقها على هذه الصورة فلا يصح أن تغيرها؛ لأن تغيير هذه الصورة يدل على أنها لم ترض بالله خالقًا، وأرادت أن تجمل وتحسن من نفسها.
2 / 7
حكم النمص والوشم والتفلج تجملًا للزوج
فإن قالت المرأة: أفعل ذلك لزوجي، كما قال ابن عباس: تتزين لي وأتزين لها، وكما قال النبي ﷺ في المرأة الصالحة: (التي إذا نظر إليها سرته) فقالت: أريد أن يسر إذا رآني فأتجمل له، وجلعت ذلك حجة لعمل النمص والتفلج.
هذا أجازه بعض علماء الأزهر فقال: لو فعلت ذلك تجملًا لزوجها فقد أتت بمقاصد الشريعة، إذ من مقاصدها أن تتجمل المرأة لزوجها، سواء بالنمص، أو بالوصل، أو بالوشم، دون أن يراها الأجنبي.
ولكن أين سنذهب بقول النبي ﷺ: (لعن الله النامصات والمتنمصات)، الذي يقيد العموم؟ فسيجيبون بأن هذا العموم مخصوص بالنظر، أي: إلى مقاصد الشريعة، فإن من المقاصد أن تتجمل المرأة لزوجها حتى إذا نظر إليها سرته.
فعندنا قولان: القول الأول: لا يجوز النمص بحال من الأحوال في أي مكان من الجسد، وهذا القول ضعيف من حيث الأثر ومن حيث النظر.
أما من حيث الأثر فإن علماء الصحابة والتابعين علموا مراد النبي ﷺ بأن النمص هو نتف شعر الحاجب.
وأما اللغة: فالتعريف اللغوي واسع، ولكن يضيقه التعريف الشرعي، وإذا خالف التعريف اللغوي التعريف الشرعي فإننا نقدم تعريف الشرع.
القول الثاني: لا يجوز النمص، أي: نتف الحاجب، وهو من الكبائر إلا في حالة واحدة، وهي إذا تزينت المرأة لزوجها؛ لأن من مقاصد الشريعة أن تتزين المرأة لزوجها.
وهناك قول شاذ: بأن النمص هو أن تزيل المرأة الحاجب بأسره، ثم ترسم الحاجب رسمًا بقلم أو نحوه، أما غير هذا فلا يكون نمصًا، وهذا مخالف لعرف الفقهاء واللغويين والأصوليين، ولا يوجد هذا المعنى في عرف أحد، وهناك نساء يفعلن هذا اغترارًا بهذه الفتوى، وهذا الكلام ساقط لا يسحق أن نرد عليه.
2 / 8
الرد على مجيزي التنمص للزوج
إن القول بأنه يجوز النمص للمرأة عند زوجها لابد من الرد عليه فنقول: إن حديث النبي ﷺ: (لعن الله الوشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن) ثم أتى بما يوضح الأمر أكثر فقال: (المغيرات لخلق الله).
فالحديث قد ذم التغيير لخلق الله جل في علاه؛ لأنه يتضمن التسخط على أقداره تعالى، فظهر أن مما تمنعه الشريعة التغيير لخلق الله، وذلك حاصل في تنمص المرأة لزوجها، فالنساء إذا فعلن ذلك غيرن من خلق الله فوقعن في المحذور.
ونرد عليه كذلك بأننا معك في أن من مقاصد الشريعة التجمل للزوج، والنبي ﷺ يقول: (حبب إليك من دنياكم الطيب والنساء)، وعائشة ﵂ وأرضاها لما جاءتها أم سلمة وتنازلت عن ليلتها قالت: (فأخذت عطري فتطيبت، ودخلت على رسول الله ﷺ أتعرض له، فقال: هذه ليست ليلتك، فقالت له: فضل الله يؤتيه من يشاء).
ومن مقاصد الشريعة أن تتزين المرأة لزوجها، فلا تدخل عليه عابسة دائمًا، أو برائحة تنفره منها، بل لابد أن تدخل عليه برؤية ما هو مباح منها، لا ما هو محرم؛ لكي لا نصادم الشريعة نفسها، فيحل لها أن ترتدي كل الثياب، وأن تتجمل له، ولها أن تجعل تسريحات معينة غير المنهي عنها، أما المحرم فلا يجوز أن تتزين به.
نرد عليه كذلك بأن نقول: إن فهم الصحابة مهم في الحكم، والراوي أعلم بما روى، وقد جاء عن ابن مسعود ﵁ وأرضاه أنه دخلت عليه امرأة فعلت هذا الوشم، فقال لها: لعن الله الواشمات والمستوشمات أو قال: لعنة الله على الواشمات والمستوشمات، والمتفلجات للحسن، لعنة الله على النامصات والمتنمصات، فرجعت المرأة على استحياء فقرأت كتاب الله ثم جاءت، فقالت: قرأت كتاب الله من أوله إلى آخره، فما وجدت ذلك، قال: لو قرأتيه لوجدتيه، فإن الله يقول: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر:٧]، وقد لعن رسول الله ﷺ الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، ففهم ابن مسعود عموم الآية، والقول بإباحته للتجمل للزوج يخالف العموم.
وكذلك فإن النهي النبوي يصدقه الواقع، فقد ظهر بحث طبي يدل على أن النمص يؤذي المرأة، ويلحق الضرر بها، فتكون المتنمصة قد وقعت في محظور، وألحقت بنفسها الضرر، وهذا محظور أيضًا؛ لأن الله يقول: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة:١٩٥]، وقال تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء:٢٩].
فظهر بذلك أن النبي ﷺ ما ترك شاردة ولا واردة، ولا شاذة ولا فاذة إلا محص النظر فيها، كما قال أبو ذر لما نظر إلى الطائر يقلب جناحيه في السماء قال: مات الرسول ﷺ وما من طائر يقلب جناحيه إلا وعلمنا منه علمًا.
وجاء في الحديث الذي في السنن: أن امرأة جاءت عائشة: (إن امرأة جاءت وقالت: يا رسول الله! زوجت ابنتي فأصيبت بالحصبة فتمزق شعرها) أي: تساقط الشعر، ثم قالت: (أفأصل شعرها؟)، لأن الرجل إذا أراد أن يدخل على امرأته، فيجد الشعر قد تمزق، فإنه لا يرغب فيها، وبعدما بينت له الحاجة الملحة قال لها ﷺ: (لعن الله الواصلة والمستوصلة).
فما جعل رسول الله هذه الحاجة أو الضرورة معتبرة في الشرع، وبين أن هذا قدر الله، ولا بد على العبد أن يرضى بقدر الله جل في علاه.
ونبهت هنا على هذه المخالفة التي تقع فيها كثير من النساء اعتمادًا منهن على فتوى معينة ليست صحيحة.
فالصحيح أن نقول: إن المرأة ولو كانت الحاجة ملحة، وتجعلها من السوء بمكان، فنقول لها: هذا قدر الله عليك، فلا تفعلي شيئًا، لكيلا يقع السخط عليك من ربك جل في علاه، فالنبي ﷺ قد لعن النامصة والمتنمصة، ولو كان ذلك تزينًا للزوج.
وكذلك لا يجوز التحايل بعمل الصبغ، فهو التغيير لخلق الله جل في علاه، ولا يجوز للمرأة ذلك إلا في حالة واحدة، وهي ما إذا قال المختص إنه سيستمر يومًا أو يومين فقط، ثم ينتهي، فيكون ذلك قياسًا على الشفاه وقلم الحواجب، فيجوز لها أن تفعل ذلك، لكنه إن كان سيستمر أكثر من ذلك فإنه لا يجوز.
وأما ما تفعله المرأة من الصباغ الملون، فإنه يجوز، وقال بعضهم: لا يجوز، وقد كنت أقول: إنه لا يجوز ثم رجعت عن هذا القول، فهو وشم بالرسم ولكنه يزول، فيجوز للمرأة أن تستعمل هذا الوشم أو الرسم المؤقت، وهو منتشر عند أهل الخليج، فلهم رسم في الأيدي كالحناء وليس فيه شيء؛ لأنه مؤقت.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
2 / 9
مخالفات تقع فيها بعض النساء - مصاحبة المتبرجات ومخالفة الزوجة للزوج
كثير من النساء قد تقع في مخالفات لا ترضي الله ولا رسوله ولا المؤمنين؛ وذلك بسبب ضعف إيمانها، وعظيم جهلها، ومن هذه المخالفات مصاحبة المرأة الملتزمة للمتبرجات اللائي لا يلتزمن بالشرع، وهذا أمر خطير؛ لأن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله، ومن المخالفات أيضًا عصيان المرأة لزوجها ومخالفتها لأوامره، وهذا أمر يوجب الغضب والسخط من الله ﷾.
3 / 1
مصاحبة المرأة الملتزمة للمتبرجات وما فيها من المآخذ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة في النار.
ثم أما بعد: إخوتي الكرام! من المخالفات التي تقع فيها النساء: مصاحبة المتبرجات، وهذا ظاهر جدًا بالنسبة للأخوات العفيفات المنتقبات اللاتي التزمن بدين الله جل في علاه، ترى كل واحدة منهن ترتدي النقاب فتراها تسير مع متبرجة، وهذه مآخذ ومخالفات تؤخذ على النساء، فلا ينبغي لأخت منتقبة التزمت بدين الله جل في علاه وتعلم أن النقاب الشرعي عليها واجب ثم تسير مع متبرجة! هذا فيه عدة مآخذ:
3 / 2
المرء على دين خليله
المأخذ الأول: أن المرء على دين خليله، والصاحب ساحب، والإنسان مؤثر متأثر، وقد قال النبي ﷺ: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، وقال: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء) الحديث، فالمرأة التي تسير مع المتبرجة كأنها تماثلها فيما هي فيه من الظاهر والباطن؛ لأن الصاحب ساحب.
وقال بعض العرب في مثل عجيب: رأينا الغراب مع الحمامة فاندهشنا وتعجبنا -لأن الغراب لا يمكن أن يصادق حمامة- فتقصينا فوجدنا الغراب يسير مع الحمامة وفيه علة هي موجودة في الحمامة، يعني: الحمامة عندها عرج في رجلها اليمنى، فنظروا في الغراب فوجدوا فيه نفس العلة في رجله اليمنى.
فإذًا: المرأة المنتقبة التي تسير مع المتبرجة هذا يدل على أن فيها نفس العيب الذي في المتبرجة.
قال الشاعر: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين للمقارن ينسب هذا أول مأخذ على النساء المنتقبات اللاتي يسرن مع المتبرجات.
3 / 3
ترك إنكار المنكر
المأخذ الثاني: مأخذ شرعي قويم، ألا وهو: أن المرأة التي تسير مع المرأة المتبرجة، تعرف أن هذه المرأة المتبرجة قد فعلت أمرًا محرمًا، فهي على منكر، فوجب على المنتقبة أن تنكر هذا الأمر المنكر على المتبرجة، وإن سارت معها فنقول: إنها رضيت بهذا المنكر، فهي كالمرتكبة لهذا المنكر؛ لأنها رضيت بالتبرج وبالمعصية.
فإذا قالت: لا والله ما رضيت بهذه المعصية، قلنا لها: كذب فعلك قولك؛ لأن الله جل في علاه قال: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام:٦٨]، وقال الله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾ [النساء:١٤٠]، فأصبحت المثلية بالرضا بالمنكر، ولذلك استنبط العلماء قاعدة مهمة جدًا: الرضا بالمنكر كمرتكبه، فإن لم تستطع هذه المرأة أن تنكر على المتبرجة بلسانها فلا بد أن تنكر بالقلب، وعلامة القلب أن تزول من المكان الذي فيه هذه المعصية.
فهذا مأخذ وثلمة في ديانة المرأة المنتقبة التي تسير في الطرقات مع المرأة المتبرجة.
3 / 4
ضعف الولاء والبراء
المأخذ الثالث: ضعف الولاء والبراء عندها، وهذا يظهر جدًا وجليًا عندما تسير مع المتبرجة، فهذا ليس من كما الإيمان كما قال ابن عباس: كمال الإيمان بالموالاة لله، والمعاداة لله، والإعطاء لله، والمنع لله.
فالموالاة لله: أن توالي أولياء الله جل في علاه، وأن تعادي أعداءه، فالمرأة المتبرجة ملعونة بقول النبي ﷺ عنهن: (العنوهن فإنهن ملعونات).
فعلى المرأة المنتقبة أن تتبرأ من فعل المرأة المتبرجة، وهذه ظاهرة أحببت أن ألمح لها؛ لأنها ظاهرة منتشرة جدًا في طرقاتنا الآن، فكثير من النساء المنتقبات لا يذهبن إلا مع المتبرجات، والحجة عندهن أن تقول إحداهن: أنا أتألف قلبها حتى أدعوها لأن تنتقب أو ترتدي الحجاب أو الزي الشرعي، فنحن نقول: حتى لو كان هذا الكلام صحيحًا، فالمأخذ عليك أيها المنتقبة أنك لو سرت في الطرقات مع هذه المتبرجة وتجرأ سفيه أو بعض الرعاع عليها فإنه سيتجرأ عليك تبعًا للتجرؤ عليها، ولو سرت وحدك مع أخت مثلك ما تجرأ عليك أحد، لكن تجرؤه على المتبرجة جره أن يتجرأ على الأخت المنتقبة.
فهذه مخالفة أيضًا تقع فيها النساء وهي: عدم إنكار المنكر أو الرضا به بالفعل لا بالقول.
والأمر الآخر: أن هذا يدل على ضعف الإيمان؛ لأن الإنسان المؤمن هو الذي يحب ما أحبه الله، ويبغض ما كرهه الله جل في علاه، وهذا مناط الإيمان، وقد بينه الله جليًا في سورة الحجرات، فولي الله يحب ما أحبه الله، ويبغض ما أبغضه الله جل في علاه، فإذا وضع نفسه في مكان يكرهه الله جل في علاه فهذا ليس بمحب لله جل وعلا، وسورة محمد تعطينا دليلًا على هذه القاعدة كما قال الله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ﴾ [محمد:٢٨]، فهذه آية ظاهرة جدًا أنهم اتبعوا ما أسخط الله، والله يسخط التبرج ويغضب على المتبرجات، ولذلك أوحى إلى نبيه أن يقول: (العنوهن فإنهن ملعونات).
فمن سارت مع المتبرجة فكأنها أحبت ما هي عليه، فأحبت ما أسخط الله جل في علاه، وهذا فيه دلالة على ضعف إيمانها.
فهذه المخالفة أحببت أن أنبه النساء إليها؛ لكيلا يقترفنها.
3 / 5
مخالفة الزوجة لزوجها
المخالفة الأخيرة: مخالفة الزوجة للزوج، إن حق الزوج عظيم، وقد بينا ذلك مرارًا وتكرارًا، وأنا أكرر فقط حديث النبي ﷺ: (لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)، ولذلك من الحقوق المترتبة على الزوجة تجاه زوجها أن لا تكفر العشير، وأن تبادل الإحسان بالإحسان، فإن أحسن معها دهرًا ثم وجدت منه خطأً فليس لها أن تقول: ما رأيت منك خيرًا قط؛ لأن النبي ﷺ حذر النساء، وبين أنه رآهن أكثر أهل النار، وقال مبينًا علة ذلك: (لأنهن يكفرن فقالوا: يا رسول الله! يكفرن بالله؟ قال: لا، يكفرن العشير، يحسن أحدهم إليها الدهر كله ثم إذا رأت منه شيئًا -أي: خطأً- قالت: ما رأيت منك خيرًا قط) وهذا كفران العشير، وهو من المخالفات التي تظهر على النساء، لا سيما وإن كان الخطأ من الرجل متكررًا فترى الكفران من المرأة متكررًا، فإذا أحسنت إلى الزوج أحسن إليها الزوج.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
3 / 6
مخالفات تقع فيها بعض النساء - حكم زيارة القبور للنساء
زيارة القبور للنساء واتباعهن للجنائز فيه مفاسد كثيرة، وقد جاءت أدلة كثيرة تدل على تحريم هذا الأمر عليهن، وقد خالف في هذه المسألة بعض أهل العلم، واستدلوا على الجواز أو الإباحة أو الاستحباب بأدلة فيها نظر.
4 / 1