مصر: نسیج خلق او ځای او وخت
مصر: نسيج الناس والمكان والزمان
ژانرونه
فما الذي حدث أو يحدث ليقض مضاجع المواطنة المصرية وسلام الجيرة، ويثير ما أثير ويثار من تنافس قد يصل إلى البغضاء؟
معروف أن لكل فعل رد فعل وأن ظهور الكثير من غلاة التشدد في تنظيمات أو جماعات تتسم بصيغ ومسميات إسلامية يقابله نفس الشيء بين دوائر من الأقباط. بناء كنيسة يرد عليه في الحوار بناء جامع وهكذا دواليك ... ومن ثم ندخل «دائرة رديئة
Vicious circle » تطحن الهواء لكنها تثير جدلا أخطر في صورة قصص وتفسيرات تؤجج عواطف تسخن وتتصاعد إلى تساؤلات لسنا في حاجة إليها وقت الغضب.
وأول التساؤلات: «كم عدد الأقباط؟» ويليها «هل أعداد الكنائس متناسبة مع عدد الأقباط؟» وما هي المراسم واللوائح لكي تصدر الموافقة على بناء كنيسة وما هو الخط الهمايوني؟ وهل يمكن الفكاك منه؟
واستطرادا يلي ذلك «كم هي نسبة الوظائف العليا التي يتولاها أقباط - هل هي متناسبة مع العدد أم أقل أو أكثر؟» وغير ذلك قضايا عديدة ...
عدد الأقباط مشكلة فعلا. في التعدادات القديمة كانت هناك أرقام للأقباط في التعداد ولكن التعدادات الأخيرة حدث تجنب لها - لماذا؟ هل وراء ذلك فلسفة المواطن بغض النظر عن الدين، أم هو تجنب لحساسية ما من جانب الأقباط إذا كان الرقم صغيرا، أو من جانب المسلمين إذا كان رقم الأقباط كبيرا؟ وحتى لو ذكرت أرقام ففي الغالب سوف يسود نقد من نوع آخر مفاده أن هذه أو تلك هي أرقام «مسيسة» بمعنى تدخل السياسة لسبب أو أمر ما. والخلاصة أننا في متاهة من لا يعجبه العجب.
ولا شك في أن الحل الأقرب إلى التعقل وحسم الأمور هو إظهار الأرقام الفعلية والنظر إلى واقع الأمور بعين مجردة، فلا يحدث ما يحدث الآن من تضارب رقمي وبلبلة يؤججها المضاربون ، بينما نحن في غنى عنها ويكفينا أن الكل سواسية أمام الوطن سواء كانت النسبة 10٪ أو 12٪ أو 15٪. ليس هذا هو المهم فالمهم أن ننشر رقما رسميا وكفى. ففي الدول المتقدمة تذكر أعداد المؤمنين بعقائد أو بغير عقائد وأتباع المذاهب والفرق الدينية، فهو ليس بالسر الخطير الذي يهدد استراتيجية دولة. بينما في العالم النامي نجد الفقر وعوامل أخرى داخلية وخارجية تتكالب لتسييس أعداد أتباع دين أو آخر.
ونحن في الماضي القريب لم يكن لدينا هذا الهاجس الديني الذي يستشري أحيانا في عقودنا الأخيرة. وأخطر ما فيه هو المطالبة بنسبة في الوظائف العليا والعامة تتناسب مع عدد الأقباط أو المسلمين. ذلك أن هذا المطلب سيؤدي بكل تأكيد إلى فرقة أبناء الشعب الواحد إلى أكثرية وأقلية وهو وضع غير مبرر علميا وحضاريا. فللأقليات أوضاع وأسس غير واردة في مصر بين عنصري الأمة، حيث لا توجد ثقافات ولا لغات ولا سلالات ولا عرقيات مختلفة، الاختلاف الديني هو الفارق الوحيد، وحتى هذا هو اختلاف أديان وحدانية الإلوهية. هذا فضلا عن تشابه بعض الطقوس والممارسات الشعبية لكونها مستندة إلى تراث قديم كما أسلفنا.
إن المزيد من الفرقة حول الوظائف وقيمة هذه أو تلك من الوظائف تقود إلى ثغرات في نسيج الشعب تتسع شيئا فشيئا لتمزيق الوحدة الوطنية التي نباهي بها سائر الأمم: أننا أول وأصلب وطن لكل الثقافات والأديان في العالم. فإذا حدث ذلك التمييز والتمزيق فإننا الخاسرون جميعا مسلمين وأقباطا، وكأننا «نلعب في الوقت الضائع» - بلغة كرة القدم.
ولا شك في أن نمو النظم الديموقراطية المأمولة حاليا في مصر ستسد الكثير من جوانب التمييز الطائفي وتعالج قضايا كثيرة بالمشاركة الإيجابية من الجانبين في ميادين الحياة السياسية فتصبح كما هو الحال في ميادين أخرى حاليا في العلوم والاقتصاد والتجارة والاستثمار ... إلخ، حيث يتعايش الناس ويتعاملون جنبا إلى جنب بدون حساسيات اختلاف الديانة في شتى مناحي الحياة.
ناپیژندل شوی مخ