كيف كانت حياة الأطفال في تلك الأرض القديمة منذ هذه الآلاف من السنين؟
ماذا كانوا يضعون على أجسامهم من الملابس؟ وما هي أنواع اللعب التي كانوا يغرمون بها؟ وما هي العلوم التي كانوا يدرسونها؟
لو أنك كنت من أحياء مصر في ذلك العهد القديم، لتبينت ما بين حياة طفلنا الآن وبين حياة الطفل القديم من تباين، ولا يمنع ذلك من ذكر أوجه التشابه بين أطفالنا وأطفالهم.
كان الصبيان والبنات صبيانا وبنات كما هم الآن، لا تختلف تصرفاتهم عن تصرفات أطفالنا، ولا تفترق ألعابهم - تقريبا - عن ألعابهم.
إنك لو تقرأ بعض القصص الخرافية، تجد أن للصبي الصغير فيها «جدة خرافية» تحوم حوله أثناء الليل، وتنير فراشه، وتهديه الهدايا، وتتنبأ له عن المستقبل، وهكذا كان في الأزمنة القديمة، فكان إذا ولدت «تاهوتي» الصغيرة أو «سن سنب» في طيبة قبل الميلاد بآلاف السنين، وجدت لها «جدة خرافية» تتنبأ لها بالحوادث والمستقبل، وكان في مصر طائفة يطلق عليهم المصريون اسم «هافورز»، ليس لهم من عمل إلا التنبؤ عن المستقبل، وكان عهد الطفولة أطول مما هو الآن، فكان على الأم السعيدة ألا تترك طفلها يغيب عن ناظريها ثلاث سنين متوالية، فتحمله على كتفها أينما توجهت.
وإذا مرضت الطفلة ودعت أمها طبيبا، فإنه يصف لها من الأدوية ما يختلف عن أدويتنا كل الاختلاف؛ فلم يكن الطبيب المصري يعرف الشيء الكثير عن الأمراض والأدوية، وهو لجهله هذا كان يجرع مريضه أقذر ما عرف الإنسان من جرعات الأدوية، ولا أظن أنك ترضى ببلع حبوب مصنوعة من عصير مياه أذن الخنزير، ودماء الضب، ولحمة قذرة. وكان الطبيب إذا فحص المريض كثيرا ما يقول: «ليس هذا الطفل مريضا؛ إنما هو مسحور.» وعلى ذلك يكتب هذه «الوصفة»:
علاج يقي من السحر «خذ خنفساء كبيرة، واقطع رأسها وجناحيها، ثم اسلقها، وضعها في زيت واتركه بعد ذلك، واطبخ أجنحتها ورأسها، واسق الخليط للمسحور.»
وأظن أن القارئ يؤثر عذاب السحر على أكل مثل هذه الوصفة! وفي أحيان أخرى يكتفي الطبيب بكتابة كلمات سحرية غامضة على ورقة قديمة يربطها بالعضو الموجوع.
وكان كثير من الأمهات إذا ظهرت على أطفالهن أعراض مرض ظنن أن عفريتا يزعج الأطفال، فإذا صرخ طفل من ألم المرض قامت أمه وجابت أنحاء الغرفة وهي تقرأ هذه الكلمات - مخاطبة الشيطان:
هل أتيت لتقبيل الطفل؟
ناپیژندل شوی مخ