مصر په عهد خدېوي اسماعيل باشا کې
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
ژانرونه
ولما تألفت الوزارة النوبارية المسئولة سنة 1878، عهد بوزارة الداخلية إليه، ثم أراد (إسماعيل) في أوائل سنة 1879 أن ينقله إلى الخارجية، ولكن الحكومتين الفرنساوية والإنجليزية قاومتاه، وأبى رياض عينه موافقته على النقل، وكان قد اشتهر بثبات عزمه وبشجاعته الأدبية في منصب نائب رئيس لجنة التحقيق المعينة في سنة 1878 لتنظر في أمر المالية المصرية.
ولما سقطت الوزارة النوبارية سافر رياض باشا إلى أوروبا، وأقام فيها حتى تولى الخديو (محمد توفيق)، فاستدعاه وطلب منه تشكيل وزارة جديدة عقب استقالة الوزارة الشريفية (21 سبتمبر سنة 1879)، فكانت تلك أول مرة تقلد فيها رياض رياسة الوزارة، ولبث على دستها إلى أن جرفته الثورة العرابية.
وتقلد وزارة الداخلية في الوزارة الشريفية الثانية، ولكنه لم يقم فيها إلا شهرين، لأنه كان يرى وجوب معاقبة العصاة معاقبة شديدة بلا شفقة ولا رحمة، ولم يطاوع على رأيه.
وبقي معتزلا أشغال الحكومة إلى أن فوض إليه الخديو (توفيق) تأليف الوزارة سنة 1888، فلبى الطلب وتقلد - علاوة على رياسة مجلس النظار - زمام وزارة الداخلية، ولكن تمسكه الشديد برأيه اضطره إلى الاستعفاء بعد مرور سنتين، فاعتزل الأعمال ثانية في مايو سنة 1891.
ثم استدعاه (عباس الثاني) لتأليف وزارة بعد صرف وزارة فخري باشا، فألفها وبقي على رياستها وفي منصة الداخلية إلى أن كانت حادثة الحدود الشهيرة - وهي التي انتقد فيها (عباس) نظام الجيش المصري انتقادا رأى كتشنر باشا السردار إذ ذاك نفسه مضطرا معه إلى الاستعفاء من منصبه، فأبى اللورد كرومر أن يوافقه على رأيه، وألزم الخديو بواسطة رياض بنشر ثناء على الجيش وسرداره في «الوقائع الرسمية»، اعتبر بمثابة اعتذار عن الانتقاد الذي كان بدا منه.
فاستقال رياض، وما فتئ ملازما العزلة السياسية، حتى كانت حفلة وضع الحجر الأول لمدرسة محمد علي الصناعية سنة 1906 بالإسكندرية، فألقى رياض فيها خطبة - بصفته رئيس شرف جمعية العروة الوثقى - امتدح فيها اللورد كرومر في حضرة الخديو (عباس الثاني)، فنفر الخديو منه، وحملت الجرائد المحلية على الوزير الشيخ حملة شعواء.
ولكن منزلة رياض من النفوس لم تنحط، واضطر الخديو نفسه إلى الإشارة على عاقدي المؤتمر الإسلامي المصري سنة 1911 بانتخاب رياض باشا رئيسا له ، فأدار اجتماعاته وجلساته بحكمة وروية، ولكن المتاعب التي سببها له أودت بصحته - وقد كانت ضعيفة - فمات في 18 يونية سنة 1911 وهو في التاسعة والسبعين هلاليا، والسابعة والسبعين شمسيا من عمره.
وقد كان قصير القامة، نحيف الجسم، تدل ملامحه ولهجته في كلامه على أنه من أصل تركي، لا من أصل مصري، ولو أنه تلقى مبادئ العربية والتركية في بيت والده، ثم في مدرسة المفروزة، وكان مظهره مظهر يهودي شرقي، محني الكتفين، ويكاد ابتسامه يكون اضطراريا.
وقد وصف رياض باشا كثيرون من الذين جعلوه موضوع كتاباتهم، لا سيما موبرلي بل في مؤلفه المدعو «خديويون وباشاوات لرجل يعرفهم معرفة جيدة»، ولكنا نرى أن خير وصف للرجل هو ما جاد به قلم اللورد ألفريد ملنر في المقارنة التي أقامها بين نوبار وبينه، في كتابه المعنون «إنجلترا بمصر»، قال:
إني لن أتوسع في المباينات الساطعة البادية على طباع وطبائع هذين الندين الأبديين؛ فإنها ما فتئت منذ عشرين عاما موضوع وصف الكتاب الذين تكلموا عن السياسة المصرية، ولكني لن أسمح أيضا لنفسي بالسكون إلى الاعتقاد بأن لدى القراء من الإلمام بالشئون المصرية الحديثة، وبما يختص بالشخصين الأكبر أهمية في تاريخها المعاصر، ما يكفيهم ليعرفوا أن نوبار أرمني، وأما رياض سواء أكان أم لم يكن من أصل يهودي، فمسلم وأعرق الأتراك في تركية خلقه وتربيته وميوله؛ أن الأول حر الفكر ومتكيفه بمقتضيات العصر، وأما الثاني فمحافظ من أشد المحافظين على التقاليد القديمة؛ أن نوبار رجل ذو تربية غربية عالية، ومتملك ناصية اللغة الفرنساوية تمام التملك، وأما رياض فشرقي محض، وقد تعلم الفرنساوية في سن يتعذر معها عليه إمكان تكلمه بها بسهولة؛ أن بعضهم قد يشك في شجاعة نوبار، وأما شجاعة رياض فلا يشك أحد فيها؛ أن نوبار تتدفق عنه الأفكار العصرية على تنوعها وسموها، وأما رياض فخزين الأفكار عنده محصور، ومن نوع بات مزمنا متأخرا؛ أن نوبار ميال إلى التعميم، ولكنه قد يتعب، ويضل إذا ما نزل إلى دقائق الحكم، وأما رياض فمتفوق في معرفة الدقائق، ويدري على رءوس أصابعه ظواهر الإدارة المصرية وخفاياها؛ أن نوبار نكتي، تارة خفيف الروح، وطورا لماز، وأما رياض فلم ينفتق ذهنه مرة واحدة لنكتة أو لطيفة، ولو أنه لا ينقصه في لغته العربية شيء من الفصاحة الشرقية، المنفوخة الأوداج، التي تأخذ بمجامع قلوب مواطنيه؛ أن نوبار متى جر إلى مضمار العمل الخيري والبر الإنساني لا ينظر إلى النقود ولا يبالي بها، وأما رياض فمقتصد حازم صارم، لا يتأثر مطلقا بأي مؤثر عاطفي أو شعور إنساني، لا لأنه معدوم الشفقة بعامة الناس، ولكن لأن الشفقة لديه تشبه ما كان يشعر به منها خير أصحاب الإقطاعات في الأزمنة الوسطى نحو تابعيهم.
ناپیژندل شوی مخ