311

مصر په عهد خدېوي اسماعيل باشا کې

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

ژانرونه

وكان الجيش المصري الذي خرج مع راتب من الحصن وواقع النجاشي 5200، فقتل منهم ألف، وأسر ألفان ومائتان، وتمكن من الرجوع إلى الحصن 400 سليم بسلاحه، و1600 جريح، وكان ممن أسروا غير صبري أفندي قائد المدفعية الدكتور بدر أفندي، والدكتور چونسن، والميچر درهلز، ورفعت أفندي رئيس الكتاب. وممن قتلوا، غير محمد بك جابر ورشيد باشا، النائب محمد والدكتور محمد علي باشا البقلي. أما الدكتور بدر أفندي والقائممقام صبري أفندي، فإنهما تمكنا من العود إلى الجيش بمساعدة امرأتين حبشيتين من نساء آسريهما، أحبتاهما فأنقذتاهما، كما هي عادة نساء الحبش على ما يقال. كذلك وقع للدكتور چونسن بعد حوادث مؤلمة غريبة لا داعي لإيرادها هنا، وأما الدكتور محمد علي باشا البقلي فإنه كان في مصوع، ولكنه حالما علم بتحرك الجيش للقتال، رغب إلى القيادة العليا، بالرغم من بلوغه سن الشيخوخة الفانية، أن تستدعيه إلى مواقع الطعان، عساه يحظى بنعمة الاستشهاد، فدعته، فنال مناه، ولكن لا بسلاح الأعداء، بل على يد سوداني من الجيش المصري أسر معه، وأمر بقتله، على زعمه من ذات الحبشي آسرهما النافر من بطء سير البقلي، ومن اضطراره إلى إطعامه، وقد حوكم هذا السوداني فيما بعد بمصوع، ولم يصدق قضاته روايته، بل استفظعوا عمله لما كان لمحمد علي باشا البقلي من المكانة في النفوس، وحكموا على ذلك الوغد بالإعدام.

وبعد أن استولى الأحباش على ثلاثة عشر مدفعا، وعلى كل سلاح المقتولين، وجميع الذخيرة التي لم تطلق في القتال، تقدموا نحو الحصن بقصد القضاء على الحامية التي فيه وتخريبه، فأصلتهم الجنود نارا حامية، لم يستطيعوا عليها ثباتا، فجددوا هجومهم مرتين، ولكنهم صدوا بخسائر جسيمة، فارتدوا على أعقابهم حانقين. وفي يوم الجمعة العاشر من شهر مارس أقدموا، لشدة غيظهم، على ذبح ألف أسير مصري من المنكودي الحظ الذين وقعوا بين أيديهم، وشرعوا في الأيام التالية يعذبون الباقين ثم يذبحونهم، حتى أفنوهم كلهم، ما عدا مائة وثلاثين تمكنوا من العود إلى الحصن.

ومع أن علي الروبي أفندي المتولي إدارة المستشفيات بذل أقصى جهده في الاعتناء بالجرحى، وأن بدر أفندي الطيب لم يأل جهدا في معالجتهم، وأبدى من صنوف الإخلاص وتضحية الذات ما استحق عليه ثناء الجميع، فإن مائتين من الجرحى ماتوا أيضا! فكأن نتيجة المعركة في (قرع) كانت كالآتي: 3273 مقتولا ومجروحا جرحا قاتلا، و1416 جريحا، و530 سالما فقط، وبما أن القتلى المدفونين في الوادي ومجرى السيل - وأناف عددهم على ألفين - لم يدفنوا دفنا أصوليا، فإن الأمطار ما لبثت أن كشفت التراب عن جثثهم، فأكلت الضواري رممهم.

غير أنه إذا بكت مصر دمعا سخينا على أولادها الذين ضحى بهم في تلك الأودية السحيقة جهل قوادهم الأتراك والشراكسة، فإن الحبشة، وإن تغنت بالفوز في (قرع)، لم تجد بدا من البكاء بدل الدمع دما؛ فإن عدد قتلاها لغاية 10 مارس بلغ خمسة آلاف، ناهيك بالجرحى، والذين فروا، فلم يبلغوا ديارهم إلا معطوبين.

على أن ذات التغني بالنصر لم يكن في محله في (قرع)، بل ولا في (قوندت) عينها، فإن الجيش الحبشي الذي فتك بأرندروپ وحملته كان يزيد على سبعين ألف مقاتل؛ منهم 15 ألفا مسلحون بأسلحة نارية، ولم يقل الجيش الحبشي الذي قاتل في (قرع) عن خمسين ألفا، فإن كركهام كان يقول: إن النجاشي يستطيع حشد من 15 إلى 20 ألف فارس و20 ألف بندقلي، ومن 50 إلى 100 ألف بيادة. ويذهب درهلز - وقد مكث في أسر الأحباش خمسة وأربعين يوما، ووقف على كثير من أسرارهم - أن عدد الذين داهموا القوة المصرية الصغيرة في (قرع) كان يربو على أربعمائة ألف.

ولا أدل على مقدار الخسائر التي أصابتهم أكثر من انسحابهم بعد تلك المعركة بدون أن ينالوا من حامية الحصن مأربا، مع أنها كانت تحت رحمتهم، ولو صبروا على حصرها فقط بدون الحمل عليها ومقاتلتها لقطعوا عنها الزاد، واضطروها إلى التسليم. ويروي الخبيرون أن الذي أجبر النجاشي على الانسحاب إنما هو خسارته نصف جيشه وأكثر، بسبب الفارين عنه بعد المعركة. وكانت خسارته هذه تكون أكبر بكثير لو أن عثمان بك قائد القوة المصرية في (قياخور) لم يظهر من الجهل والغباوة والحمق مظهرها الأقصى، ولم يحجم عن الاشتراك في المعركة، بالرغم من أن العدو كان ضمن دائرة مرمى مدافعه، بل ذات بنادقه، وهو لو اشترك فيها لفل بمقذوفاته ورصاصه شمل الأحباش المهاجمين التل القائم عليه آلاي جابر بك وأورطة داي ومدفعية صبري أفندي من الوراء، ولصعقهم صعقا، فمكن بذلك أولئك الأبطال من الاستمرار على حماية جناح الجيش حماية ربما أدت إلى فوز. والأدهش من إحجام ذلك الضابط ومخالفته للمبدأ الحربي النابليوني الذي يحتم على كل قائد فرقة أن يسرع نحو النار حالما يسمع دويها، لنجدة رفاقه المشتبكين في قتال مع العدو، هو تهنئته نفسه فيما بعد على عدم اشتراكه في تلك المعركة! وهو لو كان قائدا في أمة غير أمتنا المصرية هذه لجيء به، بسبب ذلك، أمام مجلس حربي، ولحوكم محاكمة صارمة.

ومما يثبت أن النجاشي - بالرغم من بقائه سيد ميدان معركة (قرع) - لم يعتبر نفسه فائزا فوزا حقيقيا، هو أنه بادر في 12 مارس إلى إرسال رسول يعرض الصلح على السردار، ويلتمسه منه، وقفاه بمندوب خاص يدعى ليكو منكروس وركي، قدم المعسكر بصحبة 10 أو 12 ذات حيثية، من ضمنهم پركنس زوج ابنته، المشهور عنه أنه ابن اللورد پركنس، فاستقبله السردار والأمير استقبالا شائقا، وقدما له هدايا فاخرة، من ضمنها جواد أبيض من كرام الخيل، وقاما بواجبات ضيافته بكيفية سنية. وما لبثت المخابرات في شأن الصلح أن دارت بين الخديو والنجاشي بواسطة السردار وذلك المندوب.

فطلب الخديو رد كل السلاح المأخوذ من المصريين في الحرب إليهم مقدمة لفتح أي مفاوضات تكون، ولكنه عاد فتنازل عن هذا الطلب، وأذن لراتب بالتفاوض مع مندوب النجاشي، فتفاوض معه أياما، ثم بعد أن أهدى إليه 500 ريال وأواني فضية، وأهدى أتباعه 300 ريال ومائة صليب، أعاده إلى يوحنا لكي يخبره بما وصلت إليه المفاوضات، ويأتي من لدنه بتعليمات جديدة.

وفي 3 أبريل وردت إشارة برقية إلى الأمير حسن تصرح له بالرجوع إلى مصر، فترك الحصن في ثاني غد من ورودها، وبلغ مصوع بفرقة من الخيالة في صباح اليوم السادس من الشهر، فوجد «المحروسة» في انتظاره هناك، فاستقلها وعاد إلى أحضان أبيه. ولم يمض على وصوله يومان إلا وصدرت الأوامر إلى راتب باشا بعقد الصلح بأحسن ما يمكن من الشروط والجلاء عن البلد.

ولما كان الفصح الحبشي مقتربا، اغتنمها السردار فرصة جيدة ومناسبة لإخلاء حصن (قرع)، والسير بقوته إلى الحصن الذي ابتناه الكرنيل لوكت في ممر (قياخور)، فما وصله واستقر فيه إلا وأقدم على عملين يذكرهما له التاريخ بمداد الاشمئزاز، ويدلان على مقدار تعسف العنصر التركي الشركسي في تلك الأيام بالمصريين، بل بذات الضباط منهم، وإليك بيانهما: (1)

ناپیژندل شوی مخ