297

مصر په عهد خدېوي اسماعيل باشا کې

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

ژانرونه

وأما سليمان الزبير فإنه بعد ذهاب أبيه إلى مصر خرج بالجيش، وعدده أربعة آلاف مقاتل إلى شكا، وأقام فيها إلى أن حضر جوردون إلى دارفور أول مرة، وأرسل إليه أمرا لمقابلته مع جيشه.

فصدع بالأمر واجتمع عليه في شهر أغسطس سنة 1877، وكان أحد سناجق الجيش - ويقال له السعيد بك حسين - قد وشى بالزبير أبيه إلى جوردون قائلا إنه أوصى ابنه، إذا هو لم يرجع سريعا من مصر، أن ينهض بثورة على الحكومة، فرأى جوردون أن يفرق جيش سليمان، فأعطى سعيد بك ألف رجل وسماه مديرا على شكا، وأعطى الباقي للنور بك عنجرة ، من سناجق جيش سليمان، وأرسله إلى كبكبية، وأمر سليمان فرجع إلى شكا بقلة وذلة.

وفي أواسط سبتمبر وافاه جوردون إليها فطيب خاطره، وأنعم عليه بالرتبة الثانية مع لقب «بك»، وسماه مديرا على بحر الغزال، فسر سليمان بهذا الالتفات، وذهب إلى ديم أبيه القديم، وكان الزبير قبل قيامه منه لحرب دارفور قد خلف إدريس أبتر، من تجار الدناقلة، وكيلا عنه في بحر الغزال براتب معين، فقضى أربع سنوات في إدارة بحر الغزال لا يشاركه أحد فيها.

فلما حضر سليمان وجد أن إدريس أبتر قد أخل بالإدارة، واستبد بالعباد، ولم يهتم إلا بانتفاعه الشخصي، فأعلن سيلمان عن محاكمته في مجلس قضائي، ففر الرجل إلى الخرطوم، ووشى به إلى جوردون بأنه يريد الاستقلال في بحر الغزال بحجة أنها بلاد أبيه، وليس للحكومة حق فيها. ويظهر أن جوردون أصغى إلى وشايته، فأنعم عليه بلقب «بك»، وأعطاه مدفعين، ومائتين من العساكر المنظمة، وسماه مديرا على بحر الغزال. فلما وصل إدريس أبتر إلى ديم قنده، المعروف أيضا باسمه، كتب إلى رؤساء الزرائب يخبرهم بتعيينه مديرا على بحر الغزال، ويأمرهم بالحضور إليه، وكتب إلى سليمان يدعوه للتسليم.

فغضب سليمان من ذلك، وكتب إليه في الجواب يقول: «إن ولائي للحكومة يمنعني من الخروج عن طاعتها، إلا أن شرفي لا يسمح لي بالتسليم إلى من كان خادمي وخادم أبي من قبلي، ولا يمكنني أن أأتمنك على نفسي وأموالي بعد الذي رأيته من خيانتك وإنكارك للجميل؛ لأنك لو كنت أمينا وذاكرا للجميل لحفظت عيشنا وملحنا وتربيتنا لك، فلا تنتظر مني التسليم، ولو أرسلت الحكومة إلي رجلا غيرك، ولو عبدا، لسلمت وذهبت معه إلى جوردون، وأطلعته على جلية أمري، وبينت له نفاقك والسلام!»

فتيقن إدريس أبتر من هذا الجواب أن سليمان لا يسلم إليه إلا بالقوة، فترك جنده في عهدة أخيه عثمان، وطاف في الزرائب يحرضهم على محاربة ابن الزبير، وكان عثمان أخو إدريس رجلا فظا عاتيا، مكروها من جميع «البحارة»، وكان يرسل الشتائم إلى سليمان وأتباعه، ويتهددهم بالقتل وأنواع العذاب ، فجرد سليمان رجاله، ورجال الزرائب الذين من حزبه، وهاجمه في ديم قنده، فقتله وقتل أكثر الجهادية والجلابية الذين معه، وغنم أسلحتهم وذخائرهم، وعاد بالغنائم والأسرى إلى مركزه، فلما بلغ إدريس أبتر خبر الواقعة انقلب راجعا إلى الخرطوم، وأخبر جوردون بما كان.

فجهز جوردون سرية من العساكر، وعقد لواءها لچيسي باشا، ومعه يوسف باشا الشلالي، فأقلعا من الخرطوم في يولية سنة 1878، وسارا في النيل الأبيض حتى وصلا (أورنبك) بطريق (شامبي) في سبتمبر سنة 1878، فوجد البلاد مغمورة بالمياه بسبب الأمطار، فأقام في (أورنبك) نحو ثلاثة أشهر حتى جفت الأرض، فسار قاصدا ديم سليمان، ومعه 300 من العساكر المنظمة، و700 من الباشبوزق، وثلاثة مدافع، وكان على طريقه في نقطة (الدمبو) رجل من مشاهير «البحارة» يقال له علي بك أبو عموري، ومعه نحو ألف رجل مسلحين بالبنادق، فدعاه للانضمام إليه، فأجابه بعد تردد؛ لأنه لم يكن يود محاربة سليمان، ولكن كان له محل تجاري في الخرطوم، وآخر في مصر، فأجاب الدعوة مضطرا لتجارته، واجتمع علي وچيسي في جور غطاس، وساروا كلهم حتى نزلوا في (قندة)، في أواسط ديسمبر سنة 1878.

وكان سليمان لما علم بقدوم چيسي قد أخذ في حشد الجيوش، حتى اجتمع عنده نحو عشرة آلاف مقاتل، فسار بهم إلى (قندة)، ونزل بالقرب من معسكر چيسي، ولما كان صباح 28 ديسمبر سنة 1878 حمل على المعسكر حملة صادقة، وكان چيسي قد أمر جنوده، فبنى كل منهم متراسا علوه متر ونصف متر؛ ليقيه من الرصاص، فأصلوا رجال سليمان نارا حامية، فثبتوا برهة، ثم انقلبوا راجعين إلى معسكرهم، فبنوا حصنا منيعا من الأخشاب والتراب، ونزلوا فيه، ثم جددوا الهجوم على چيسي في 12 يناير سنة 1879 وفي 29 منه، فلم يظفروا بطائل.

وفي 11 مارس سنة 1879 وصل چيسي مدد من الذخائر والعساكر، فزحف بجيشه حتى صار قريبا جدا من معسكر سليمان، وأقام تلا من التراب وجعل عليه المدافع والسواريخ، وشرع يرمي بمقذوفاتها ذلك المعسكر، وكانت بيوته كلها من قش، فاشتعلت النار فيها، فذعر سليمان وارتد إلى (ديمة).

وبقي چيسي في (قندة) حتى جاءه مدد آخر من جوردون، فزحف بجميع جيشه على ديم سليمان، ووصله في 4 مايو سنة 1879، فخرج عليه سليمان من الديم، وحاربه مستقتلا مدة ساعة، ثم انهزم راجعا إلى الديم، فتبعه چيسي على الأثر وأخرجه منه، واستولى على جميع ما فيه من الأمتعة والأموال، وسار سليمان شمالا حتى وصل (غرة) غرب الكلكتة، من أعمال دارفور، فأقام فيها.

ناپیژندل شوی مخ