293

مصر په عهد خدېوي اسماعيل باشا کې

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

ژانرونه

كيف يذهب هنا الفكر إلى ما يرويه الرومان الكاثوليك عن سقوط السلاح من أيدي جنود نابليون الأول في حرب روسيا سنة 1812 انتقاما من الله لتعديه على البابا بيوس السابع؟!

فوقع (عبد الله) أسيرا في يد المنتصر في حلة السروج، بين شكا وداره، فأمر الزبير بقتله، فقال له اثنا عشر عالما كانوا بمعيته، مهمتهم تنبيهه إلى معوج يرونه في أحكامه: «إن الشرع لا يسمح بقتل أسير الحرب المسلم، والسياسة تنكر قتل رجل يعتقد الناس صلاحه؛ لأن قتله ينفر القبائل من القاتل.» فامتنع الزبير عن قتله، ولكنه ندم فيما بعد على امتناعه؛ لأن عبد الله ذاك عاش ليكون من أعظم البلايا على السودان؛ فإنه أصبح عبد الله التعايشي، خليفة المهدي المشهور، وصاحب الفظائع والأهوال التي لا تزال المخيلة ترتعد لمجرد ذكرها.

ولما دخل الزبير بلاد الرزيقات فر اثنان من مشايخ هؤلاء العربان، ولجآ إلى السلطان إبراهيم في الفاشر، فبعث إليه الزبير بكتاب في 8 سبتمبر سنة 1873 يسأله تسليمهما إليه، ويحذره من استماع أقوالهما لئلا يقع في حرب مع «الدولة المصرية ذات السطوة الغالبة، والمدد غير المنقطع».

فما كان من السلطان إبراهيم - وكان قد حقد على الزبير لدخوله بلاد الرزيقات التي هي جزء من أملاكه - إلا أنه، بدلا من أن يجيبه على كتابه، أرسل إلى بعض مشايخ الرزيقات خطابا مشحونا شتما وسبابا له، يقول فيه: «لا تظنوا أني أترك البلاد لهذا الطاغية الجلابي، وها أنا أعد الجيوش للزحف عليه وطرده بالخزي والخسران.»

فلما اطلع الزبير على خطابه هذا كتب إليه في 12 نوفمبر سنة 1873 يؤاخذه، ويحمله تبعة كل ما يسفك من دماء المسلمين، فيما لو عمد إلى حربه. وبعد أن أفهمه أنه لا يخافه ولا يهابه، قال: «أما إذا كنتم تودون خروجنا من بلاد شكا، لأنكم تحسبونها قسما من بلادكم، فاعلموا أن ذلك إنما يكون بالتراضي والسلم بينكم وبين سمو ولي نعمتنا الخديو المعظم؛ بأن تضمنوا لنا نفقات الحملة على الرزيقات التي بلغت نيفا وعشرة آلاف كيس، فإذا اتفقتم مع سموه على ذلك، وكتب لنا أمرا لرفع أيدينا، عدنا إلى حيث كنا نجمع جيوشنا امتثالا لأمره، وإلا فلا يخطر ببالكم خروجنا من هذه البلاد.»

وكتب في أثناء ذلك إلى حكمدار الخرطوم، إسماعيل أيوب باشا، يعلمه بحاله وانتصاره على الرزيقات، ويسأله أن يرسل من يتولى حكومة البلاد التي فتحها في بحر الغزال ودارفور بالنيابة عن خديو مصر، وقال في الختام: «فإذا ما وصل الحاكم واستلم البلاد عدت إلى تجارتي تاركا كل ما أنفقت من الأموال في الفتح هدية لحكومتي السنية، وانتظرت مكافأتها الأدبية حسبما تقتضيه عدالتها وكرمها.»

فجاءه الجواب بتاريخ 22 نوفمبر سنة 1873 بما مؤداه: «عرضنا كتابكم على الجناب العالي الخديو، فشكر ولاءكم، وامتدح رغبتكم في وضع البلاد التي فتحتموها بين يديه ليولي عليها من يشاء، وقد أنعم عليكم بالرتبة الثانية مع لقب «بك»، وولاكم أمر البلاد، على أن تدفعوا لخزينته جزية سنوية قدرها خمسة عشر ألف جنيه.» فقبل الزبير الجزية، وتولى أمر البلاد رسميا.

ولكن السلطان إبراهيم لم يطق على بقائه في بلاد شكا صبرا، فأصدر أمره إلى مقدوم الجنوب في داره، واسمه أحمد شطه، ومقدوم الشرق، واسمه سعد النور، فأخذا في حشد الجيوش وجمع العدة لإخراجه منها، وكان الزبير يراقب حركات المقدومين وسكناتهما، ويبلغها إسماعيل باشا أيوب في الخرطوم، فيدفعها إلى الخديو في مصر.

فأقر الخديو على اغتنام الفرصة التي كانت تترقبها حكومته منذ فتح كردوفان، وأرسل إلى الزبير 280 من العساكر المنظمة، وثلاثة مدافع نجدة، وأمر إسماعيل أيوب باشا فجهز جيشا مؤلفا من نحو ثلاثة آلاف وستمائة مقاتل من الجنود السودانية، والمصرية، والباشبوزق الشيقانية، والأتراك، والمغاربة، والمتطوعة، وأربعة مدافع جبلية وساروخين، على أن يزحف بها إلى دارفور من الشرق، والزبير يزحف إليها من الجنوب، فيتما الفتح.

ولكن الفتح كله تم على يد الزبير، ولم يكن لجيش الشرق أي عمل فيه؛ فإن أحمد شطه وسعد النور لما أتما استعداداتهما زحفا بجيش يزيد على ثلاثين ألف مقاتل قاصدين شكا، فجرت بينهما وبين حاكمها واقعتان كانت العاقبة في كلتيهما للزبير، وقتل المقدومان في الثانية، وانهزمت جيوشهما، فتقدم الزبير إلى داره واحتلها، وبنى فيها استحكاما منيعا، وبعث إلى السلطان إبراهيم بكتاب في 18 فبراير سنة 1874 ينبئه بما كان، ويحمله من جديد مسئولية الدم المهراق، ويشهد الله بينهما، وكتب إلى علماء الإسلام في دارفور يسألهم عما دعا سلطانهم إلى المحاربة وهلاك عساكر المسلمين من الطرفين.

ناپیژندل شوی مخ