مصر په عهد خدېوي اسماعيل باشا کې
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
ژانرونه
فطرب المماليك لشجاعة الفرنساوي الجسور؛ لأن الشجاع يطربه عمل الشجاعة حتى لو بدا من خصمه، وباتوا أكثر انقيادا له، فتسنى لسيڨ جعل صف ضباط وضباط مهرة منهم. أخيرا تحول (محمد علي) إلى فكرة إنشاء الجيش المرغوب فيه من أبناء مصر أنفسهم، بالرغم من أن المحيطين به أنكروا على المصريين استعدادهم العسكري، ورموهم بالجبن وخور العزائم.
ولكنه لعلمه أن المصريين يكرهون الابتعاد عن أهلهم، والتغرب عن أوطانهم، ويكرهون بالتالي الجندية التي تضطرهم إلى ذلك، أقبل يجمعهم ويجندهم بالقوة والعسف، وأخذ يخطفهم زمرا زمرا من قراهم ونواحيهم، ويرسلهم أفواجا أفواجا إلى الصعيد حيث كان سيڨ - وقد اعتنق الدين الإسلامي، لإزالة أكبر فارق بينه وبين جنوده، وأصبح «سليمان بك» - يعلمهم ويدربهم، وما زال (محمد علي) مقيما على طريقة تجنيده هذه حتى تكون لديه ذلك الجيش الزاهر، الذي مكنه (أولا) من الاستغناء عن جنده غير النظامي، والدائم التمرد من الألبانيين، والمكدونيين، والأتراك، والدالاتية، والباشبوزق الآخرين، ومكنه (ثانيا) من الفوز على جميع أعدائه، وإذلال سلطان تركيا نفسه.
7
غير أن الفلاحين المصريين في تلك الأيام حين رأوا أن المجندين، أيا كانوا، لا يعودون أبدا إلى أوطانهم، ويموتون حتما في دار الغربة، سواء أكان في المورة، أو في ربوع سوريا والأناضول، ازدادوا كراهة للجندية ورغبة في الفرار من وجهها. وإذ علمتهم الأيام أن بعض العاهات الطبيعية تكون سببا في عدم تجنيد المصابين بها، أقدموا على اقتلاع أعينهم اليمنى، أو بتر إبهام أيديهم اليمنى أو سباباتها كذلك لكي ينجوا من التجنيد، ومن لم يجد منهم شجاعة في نفسه للإقدام على أحد هذين العملين كان يفر من بلده، ويذهب هائما على وجهه إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
فاضطر (محمد علي) أولا إلى تجنيد ذات العور ومقطوعي السبابات أو الأباهم في آلاي خاص بهم. وثانيا إلى تعقب أثر الفارين وإدراكهم، ولو اعتصموا بأعماق الكهوف والصحارى، أو التجأوا إلى عبد الله باشا والي ولاية عكا، وهذا هو السبب في أن الحرب نشبت فيما بعد بينهما،؛ لأن عبد الله باشا أبى إرجاع الهاربين المصريين إلى حكومتهم، بالرغم من إلحاح (محمد علي) الكثير، فلما بلغت روح المكدوني منه الحلقوم، بعث يقول له: «وإني سآتي لأخذهم بنفسي، وسأرجع بهم وبواحد زيادة عليهم.» وإنما قصد بذلك الواحد عبد الله باشا عينه، وفي الحال سير جيشه إلى سوريا، وكان من أمر حروبه هناك، وبره بتهديده ما كان!
8
وبما أن أمر تقديم الأنفار للجندية كان منوطا بمشايخ البلدان، وكانوا هم المسئولين عن العدد المطلوب منهم، فحدث ولا حرج عن المظالم والمغارم التي كان التجنيد يسببها في عموم أنحاء البلاد.
9
على أن (محمد علي) بعد فراغه من حروبه، وعقب فرمان سنة 1841 المحظر عليه زيادة عدد جنوده على 18 ألفا، سرح معظم ما بقي من جيوشه، ولم يعد يلتفت كالسابق إلى تعزيز جنديته، لا سيما أن الكبر قد أناخ عليه بكلكله، وقعد بكثير من همته الشماء.
وكان رأي (عباس) خليفته في التجنيد غير رأيه، لميل قلبه إلى الأرناؤوط والأتراك، ورغبته فيهم دون العنصر المصري، فأقبل يزيد عدد أولئك الأجانب، ويحلهم من الثكنات العسكرية محل الجنود المصريين، ويسلحهم بالمسدسات الأمريكية بدل البنادق، حتى أربى عددهم لديه على ثمانية آلاف. وكان جل قصده أن يتكون لديه منهم العدد المعين للجيش المصري برمته، ولكنه عقب نشوب الحرب بين روسيا والدولة العلية في سنة 1854 - وهي المعروفة بحرب القرم - واضطراره إلى إنجاد تركيا بالمدد المصري المطلوب منها، اضطر إلى تجنيد جنود مصريين، فبالغ في ذلك حتى قال بعض المؤرخين، ومنهم إدون دي ليون، إن عدد جيشه ما بين جند نظامي وباشبوزق وغيرهم، أربى في وقت من الأوقات على مائة ألف، ولكن تلك الجنود لم يكن معتنى بأمر إطعامهم، ولا كانت الوقايات الصحية متوفرة حولهم، وكلا الأمرين زاد في نفور الناس من الجندية.
ناپیژندل شوی مخ