237

مصر په عهد خدېوي اسماعيل باشا کې

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

ژانرونه

وكانوا قد أقاموا ثلاثة ارتفاعات خشبية مكسوة بالحرير والديباج: واحد في الوسط، للضيوف الأجلاء، أصحاب التيجان، والأمراء والعواهل ورجالهم، وواحد على اليمين، لعلماء الدين الإسلامي، وفي مقدمتهم العلامة الشيخ مصطفى العروسي ، شيخ الجامع الأزهر والإسلام بمصر؛ وصاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد المهدي العباسي، مفتي الديار، وواحد على اليسار، لأحبار الدين المسيحي، وعلى رأسهم المنسنيور باور الرسول البابوي، وخادم كنيسة القصر الإمبراطوري بباريس؛ وكان قد حضر خاصة لمباركة الترعة، ثم لعقد قران المسيو دي لسبس على الكرئيولة اللطيفة التي أحبها وأحبته، بالرغم من تكلل جبينه بلجين الشيب.

ونصبوا على الشاطئين، الأسيوي والإفريقي، المظلات البديعة لجماهير المدعوين والمتفرجين؛ وفي صدرها كلها، مظلة لمؤسسي الترعة ومجلس إدارتها؛ وأخرى لرؤساء الشركات التجارية العظمى في العالم ومندوبيها؛ وثالثة لرجال الصحافة العالمية والمكاتبين.

واصطفت الجنود المصرية بين رصيف النزول والارتفاعات الخشبية الثلاثة، لتحفظ النظام حولها، وتمنع الازدحام عنها، وترتبت الطوبجية بين الرصيف الداخل في البحر، من جهة الغرب، ومحل الحفلة؛ وتجهزت وترصفت المراكب الحربية - وكانت خمسين مركبا - والسفن التجارية - وكانت نيفا وثلاثين - داخل المرفأ على شكل قوس بديع المنظر.

أما الحربية، فكانت ستا مصرية، وستا فرنساوية، واثنتي عشرة إنجليزية، وسبعا نمساوية، وخمسا ألمانية، وواحدة روسية، وواحدة دانمركية، واثنتين هولنديتين، واثنتين إسكنديناڨيتين، واثنتين إسپانيتين، وفرقاطتين إنجليزيتين أخريين هائلتين واقفتين في البعد كأنهما رمز الحرب، المزمع اندلاع لهيبها بعد ثمانية شهور، يهدد مظهر ذلك السلم العظيم، ولم يكن هناك أسطول إيطالي، لاضطراره إلى مغادرة المياه المصرية؛ فجأة، تحت قيادة الدوك داؤستا، بداعي اشتداد المرض على ڨكتور عمانوئيل الثاني. الملك الحلو الشمائل، وصديق (إسماعيل) الحميم - وهو مرض كان السبب في تخلفه عن تلك الحفلة، وحرمانه لذة تمتيع صديقه بحضوره إليها - على أن إيطاليا بقيت ممثلة هناك، بمراكب تجارية عديدة.

فلما كانت الساعة الثالثة بعد الظهر، وقد فرغ الجميع من تناول الطعام على نفقة الخديو واستراحوا، أخذت الموسيقات تصدح، وشرع الموكب الفخم يتقدم، ليجلس الكل في المكان الذي أعد لهم.

وإذا بزكي بك، رئيس التشريفات الخديوية، قد برز أمام الجميع يفتح الطريق، وتلاه الأمير (محمد توفيق)، ولي عهد مصر، وعلى ذراعه أميرة هولندا؛ فولي عهد الدولة الپروسية؛ فأمير هولندا؛ فالسير هنري إليت سفير إنجلترا في الأستانة والنائب، عرفا، عن السلطان عبد العزيز؛ فالأميرال الإسپاني، فالأميرال الفرنساوي پاريس، والمسيو دروي دي لوم؛ فالكولونيل الإنجليزي رسل؛ فرضا بك محافظ بورسعيد؛ فالبرنس چورچ ولي عهد الهانوڨر؛ فالكولونيل دورنج.

وما استقر هؤلاء في مقاعدهم، إلا وصدحت الموسيقات كلها بالنشيد الفرنساوي، ثم ظهرت ألوية النمسا والمجر تحيط بالراية الفرنساوية، فاشرأبت الأعناق، وأحدقت الأبصار؛ وإذا بالإمبراطورة أوچيني، يسير خديو مصر أمامها، تتقدم متكئة على ذراع الإمبراطور فرنتز يوسف، ووراءها فردينان دي لسبس، فالأرشيدوق ڨكتور النمساوي، فمجلس إدارة الشركة، فالأمير عبد القادر الجزائري - وكانت الحكومة الفرنساوية قد دعته إلى تلك الحفلة، خاصة، اعترافا له بالفضل الذي أبداه في الدفاع عن المسيحيين، وحمايتهم أيام مذابح سوريا، ووضعت تحت تصرفه الدارعة «فوربين» لتقله من بيروت إلى بورسعيد، فما ظهر ببرنسه الأبيض في وسط ازدحام تلك الرءوس المتوجة بتيجان الملك، وتيجان العبقرية أو العلم، أو العصامية أو الفضل، إلا واستوقف الأنظار شكله الجميل، وقوامه المعتدل، ووجهه المكسو مهابة وجلالا - فطوسن باشا ابن الأمير (محمد سعيد)، الوالي السابق، صاحب الأيادي البيضاء على مشروع القناة وشركته - وإنما أراد (إسماعيل) الذي كان يحب طوسن حبا أبويا، وزوجه، فيما بعد، ابنته؛ ولم يفتأ يواليه بعنايته ورعايته إلى آخر لحظة من حياته، كأنه يريد أن يخفف عليه وطأة التوعك المستديم، المنتابه منذ صباه، والمسبب له عن كون أحد خدام أبيه فتح، ذات يوم، بسرعة وشدة، بابا في السراي كان الطفل طوسن واقفا وراءه، فصدمه الباب في جبهته، فوقع مغشيا عليه، فارتعد الخادم وخارت فرائصه، وما كان منه، في خوفه من غضب أبي الأمير الصغير، إلا أنه أغلق عليه الباب، وتركه طريحا على الأرض، فاقد الحواس، دون أن يخبر بالحادثة أحدا، فبقي طوسن على تلك الحالة، عدة ساعات، حتى افتقدته مربيته، وبحثت عنه، فوجدته في تلك الحجرة طريحا، لا يعي، فلم تعد تجديه الأدوية، بعد ذلك، نفعا لتأخرها، واستمر طول حياته ضعيفا، هزيلا، مرتج الدماغ؛

23

إنما أراد (إسماعيل) أن يحضر طوسن ذلك الاحتفال، ويكون له فيه مركز خاص، لكي يكون فيه، بهيئته المكسوة، منذ ذلك الحين، بمظهر ما وراء المادة، خير ممثل لروح أبيه، المرتاحة في عالم النعيم، والناظرة بابتهاج إلى العمل التام، الذي لولاها لتأخر بروزه إلى الوجود أجيالا.

وتلا طوسن، نوبار باشا، فالبرنس ميرا حفيد الملك يواكيم صهر ناپوليون العظيم، فبرچير بك، فالجنرال دوسه الفرنساوي، فوزيرا الإمبراطور فرنتز يوسف، وهما الكنت دي بيست، والكنت اندراسي، فسفيره لدى الباب العالي، البارون بروكيش، فالدوك دي هوسكار، فالجنرال الروسي إجناتييف، فالأميرال النمساوي تيجيتوف، فسيدات عديدات من معية الإمبراطورة، فالنائبون عن المؤتمرين العلمي والتجاري، وعن شركة المساچيري الفرنساوية، وكانت الباخرة التي أقلت مديرها، ثم اشتركت في حفلة الاجتياز إلى البحر الأحمر، أكبر بواخر تلك الشركة، فأركان حرب الأساطيل المتعددة، فسفراء الدول وقناصلها، فزمر المدعوين أفواجا أفواجا.

ناپیژندل شوی مخ