مصر په عهد خدېوي اسماعيل باشا کې
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
ژانرونه
و(ثالثا): لأنها قريبة من الأستانة.
وكان هو في احتياج إلى تعجيل موافقتها على المشروع القضائي، الذي كان قد خلف نوبار باشا، وزيره في أوروبا، ليجد في إدراك تحقيقه، فبعث، أولا، من حلل تلك المياه تحليلا كيماويا؛ ولما أظهر الفحص جودتها، قرر السفر إلى بروصة والإقامة بها زمنا، ثم مغادرتها إلى (إمس) أو (أوبن)، فإلى باريس لنسج خيوط مساعيه الاستقلالية وتشعيبها، ولمساعدة نوبار على نفاذ الإصلاح المرغوب فيه، والذي كانت المخابرات بشأنه قد تقدمت تقدما محسوسا جدا، فسافر إليها، في الواقع في 30 مايو سنة 1868، وتعالج بمياه حماماتها المعدنية، فأفادته فائدة كلية، عدل معها عن الذهاب إلى (إمس) أو خلافها؛ وقرر تمضية باقي فصل الصيف في عاصمة السلطنة العثمانية، ينوم بمظاهر ولائه ما قد توقظه مساعيه وأعماله من ظنون في صحة ذلك الولاء وحقيقته؛ ويسدل من نقوده المبذولة بسخاء، حجابا كثيفا أمام عيون الراغبين في الوقوف على كنه نياته، ففعل، ونال ما تمنى؛ وعاد إلى بلاده، بعد غيبة ثلاثة أشهر عنها، وهو يرى أنه يكاد يلمس نجاحه باليد.
ولما أشيع، في المناسبة التي نحن بصددها، أن معاودة داء الحنجرة له هي الموجبة لسفره هذا العام، قرنت الإشاعة بنبأ مؤداه أن الأطباء أشاروا عليه بالاستحمام بالمياه الأوروبية، هذه المرة، فحتموا عليه السفر إلى أوروبا؛ ثم شرع - والإشاعة تروج وتروج - في أخذ الاحتياطات اللازمة لتكون الرحلة محفوفة بمظهر ملكي حقيقي، فيتم كل شيء بحيث يسبق السيف العذل!
فلما كملت الاستعدادات جميعها، أقلع الخديو من الإسكندرية في 17 مايو إلى البندقية، ومعه حاشية يفوق عدد رجالها مثله في الرحلات السابقة؛ ويحيط به مظهر يكاد يكون إمبراطوريا، فأطلقت الحصون مائة مدفع ومدفعا، تكريما لوداعه؛ وسار يخته الفخم «المحروسة» تتقدمه ثلاث سفن حربية، وتتبعه ثلاث أخرى، حتى إذا توسط عرض البحار بتلك العمارة المستوقفة الأنظار، عرج على جزيرة كرفو، حيث كان جورج ملك اليونان مقيما، وبالرغم من أن هذا العاهل كان قد أوشك منذ عهد قريب أن يشتبك في حرب مع تركيا، وأن علاقاته بها كانت لا تزال بسبب كريت عدائية أكثر منها ودية، دعاه إلى حضور حفلات فتح ترعة السويس المقبلة، بإلحاح؛ وقدم لزوجته الجميلة، الملكة ألجا - ولا تزال حية - مائة ألف فرنك، مساعدة للمهاجرين الكريتيين، مظهرا لها عطفا كبيرا عليهم، على زعم الجرائد اليونانية، ورغبة أكيدة في تخفيف ويلاتهم - كأنما تركيا في واد، ومصر في واد آخر.
وبعد أن أقام بضعة أيام بضيافة الملك جورج، أقلع إلى البندقية، وسار منها إلى فلورنسا، حيث أسرع الملك ڨكتور عمانوئيل الثاني، صديقه الحميم، من مقره في تورينو، إلى مقابلته، وأنزله في القصر الفخم المسمى «قصرپتي» نزول ملك مالك، فأقام (إسماعيل) هناك أسبوعا، وهو في روحاته وغدواته محط عناية وإكرام فائقين؛ ثم سار إلى ڨيينا، حيث قوبل وعومل أيضا كملك مالك.
ثم سار إلى برلين، فأنزل في «الشلوس»؛ وأبدى له غليوم الأول، الملك الشيخ، من الاحتفاء والإعزاز والتعظيم ما لم يقل عما صادفه منها في فلورنسا وڨيينا.
ثم سار إلى باريس، فوجد مقابلة رحبة ملكية من عاهلي الفرنسيس وشعبهما، وتشجيعا سريا لمساعيه، فوق ما كان يتوقع.
ثم سار إلى لندن، فأنزلته الملكة ڨكتوريا، هذه المرة، في قصر بوكنهام الإمبراطوري، وتبارت هي في وندزر، والبرنس أوڨ ويلز في مرلبور وهاوس، والدوكات في قصورهم، والبلدية في «المنش هوس» و«قصر البلور»، في تكريمه وتعظيمه، نيفا وعشرة أيام، إكراما وتعظيما قلما يبذل مثلهما حتى للملوك.
فانشرح صدر (إسماعيل)، وابتهج فؤاده.
ولكن تركيا - وقد حقد صدرها الأعظم، عالي باشا، عليه بسبب سحبه جنوده من كريت، وما بدا منه نحو ملك اليونان من التودد والإكرام، ونحو ثوار الجزيرة من الانعطاف والمساعدة - كانت واقفة له بالمرصاد، وما أدركت غرضه الحقيقي من رحلته، إلا وأقبلت تعكر عليه حبوره، وتتخذ من مسلكه، ومن تغير خاطر السلطان عبد العزيز عليه، لعدم قصده إياه، قبل الجميع، بصفته سيد مصر، وعدم توجيهه الدعوة إليه ليرأس الحفلة العتيدة، حجة لتهديده وتوعده، ووسيلة لابتذاذ نقوده، في سبيل رضاه عنه.
ناپیژندل شوی مخ