200

مصر په عهد خدېوي اسماعيل باشا کې

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

ژانرونه

ففاق النجاح كل ما كان ينتظر؛ وغطى الاكتتاب عدة مرات! فلم تنقض سنة 1858 إلا والشركة قد تأسست، وتعين لها مجلس إدارة، وبات وراء دي لسبس يعضده ضد كل من يقاوم المشروع، خمسة وعشرون ألف مساهم، ورأس مال فرنساوي يزيد على مائة مليون من الفرنكات، ويتحتم على الحكومة الفرنساوية أن تدافع عنه، مهما رغبت في الوقوف على الحياد لعدم تعكير صفاء الجو السياسي بينها وبين إنجلترا.

وربما كان للفتنة - التي، على إثر رفض البرلمان البريطاني السؤال الذي وجهته إليه تلك الزمرة المتنورة من أعضائه، قامت في جدة، من أعمال شبه الجزيرة العربية، وهاجم فيها خمسة آلاف متحمس قنصلتي فرنسا وإنجلترا، وقتلوا رجالهما، وفتكوا بنسائهما، وارتكبوا من الآثام والمنكرات ما يجل عن وصفه القلم

17 - دخل في إقدام الناس، لا سيما الفرنساويين على الاكتتاب في أسهم المشروع. كأنهم أرادوا بذلك أن يؤكدوا، من جهة، مشاطرتهم الأمير (محمد سعيد باشا) رأيه فيما قاله لدي لسبس، حينما بلغتهما أنباء تلك الفتنة، وهو: «إن ترعتنا ستتكفل بجعل عودة جدة أو غيرها من بلاد شبه الجزيرة العربية إلى مثل هذه الفظائع، أمرا متعذرا، لأنها ستجبر بلاد العرب بأسرها، ولو بالرغم منها، على أخذ نصيبها من الحركة الغربية!»

18

وأن يحتجوا، من جهة أخرى، على وقوف الحكومة الإنجليزية ذلك الموقف الشاذ، بعد أن أصدر العلم قراره النهائي، بإمكان عمل الترعة؛ وبات بلمرستن، رغم محاولته إخفاء عواطفه الحقيقية، بتستره وراء مزاعم باطلة، لا يستطيع أن يمد الحجاب على أنه إنما ظل يقاوم المشروع؛ لأن مصدره فرنساوي محض؛ وأنه هو يكره فرنسا، وكل ما يزيد في عظمتها، لكونه من بقايا الحزب المتشبع بالسخط عليها، وبوجوب منافستها، دون غيرها.

وفي 25 أبريل سنة 1859 ذهب المجلس المؤلف لإدارة الشركة، بزعامة رئيسه المسيو دي لسبس وزمرة من المهندسين، إلى برزخ السويس، من جهة البحر الأبيض المتوسط، حيث قامت، بعد ذلك، مدينة بورسعيد الجميلة، وحيث كان قد احتشد جمهور يربو على مائة وخمسين ما بين نوتي وعامل، ونهض الرئيس بينهم، خطيبا، وبيده فأس، وقال:

باسم شركة قناة السويس البحرية الكونية، وبمقتضى قرارات مجلس إدارتها، نضرب، الآن، أول ضربة فأس على هذه الأرض، لفتح مداخل الشرق إلى تجارة الغرب ومدنيته؛ ونحن متحدون، هنا، في إخلاص واحد لمصالح مساهمي الشركة، ومصالح الأمير النبيل (محمد سعيد) منشئها الكريم والمحسن إليها صنعا!

19

وأقبل ينكس بفأسه التراب في الأخدود المختط، لحفر الترعة فيه، واقتدى به جمهور الحاضرين، ثم قامت الأعمال على قدم وساق، وأخذت تتقدم منذ ذلك الحين، بلا ملل ولا كلل، وبدون انتظار ورود الفرمان السلطاني المؤذن بالتصديق على الامتياز الممنوح.

فهاج ذلك سخط الحكومة الإنجليزية، فوطنت نفسها على تعطيل المشروع وإيقاف الأعمال، مهما كلفها ذلك من المشاق، وأوعزت إلى السير بلور سفيرها بالأستانة - وكان قد خلف، هناك، اللورد ستراتفرد دي رد كليف - بأن لا ينفك راكبا على أنفاس الحكومة العثمانية، حتى يقضي منها الوطر المرغوب.

ناپیژندل شوی مخ