185

مصر په عهد خدېوي اسماعيل باشا کې

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

ژانرونه

وكثيرا ما كان يقول في محادثاته في هذا الموضوع الخطير: «إن تعدد الزوجات وعيشة الحريم يبطلان يوم تمكن تربية بنات الفلاحين التربية المنزلية من إحلالهن في البيوت محل الرقيقات، اللاتي هن مصروف كبير، وضرر أكبر؛ ويوم تجعل، التربية المدرسية المرأة رفيقة الرجل وشريكة حياته، أما الآن، فما هي عادة إلا مادة ترف!»

وللدلالة على أن رأيه هذا كان رأيه الحقيقي، لا رأيا يتصنع به إرضاء الخواطر الغربيين المحيطين به، أو رغبة منه في اكتساب ثناء الرأي العام الغربي والظهور أمامه، كذبا، في مظهر الأمير المتحضر الراقي، أبى إلا أن يكون أولاده الثلاثة الكبار أزواج قرينة واحدة؛ وأبى أن يكون لبناته ضرائر عند أزواجهن.

ولئن اعترض على صحة إخلاص شعوره، في ذلك، بأنه لم يحجم، هو نفسه، عن الإكثار من الزوجات، والاستكثار من الجواري، فالجواب على الاعتراض هو أن مثله في شغفه بالإصلاح، وفي عزمه على إدخال بلاده في مضمار المدنية الغربية الحديثة، كمثل بطرس الأكبر الروسي في ذلك جميعه، فكما أن بطرس، مع بقائه على نقائصه الشخصية، قد بذل أقصى جهوده لتحرير شعبه من عيوبه القومية؛ وكما أن بقاءه، هو نفسه، على نقائصه الشخصية، وشعوره بعدم تمكنه من إرغام قوتها، وهو الرجل صاحب الإرادة الحديدية، ربما كان الدافع الأكبر له إلى الثبات في خطة الإصلاح القومي التي رسمها لنفسه، هكذا (إسماعيل) - وقد وجد، باختباره الشخصي، الذي أرغمه عليه تكييف ماضي جدوده، مضار إحلال المرأة من الرجل محل المتاع المحض - أبى إلا أن يتخذ من حاله الشخصية باعثا جديدا على بذل أقصى جهوده في سبيل تغيير حال قومه.

على أنه لو لم يكن له من نفسه هذا الباعث، ولو لم يشعر، من تلقاء ذاته، بوجوب القضاء على النخاسة والرق، للتمكن من تغيير حياة الحريم وإبطال التسري، وتعدد الزوجات، فقد كان يجد من احتكام أفكاره بأفكار الغرب، ومن الحوادث الجارية حوله، ما يولد في نفسه ذلك الباعث.

فإن ألبرت إدورد، برنس أوڨ ويلز، وولي عهد المملكة البريطانية - وهو الذي عرفناه، في أيامنا هذه، الملك إدورد السابع - لما كان في ضيافته في أوائل سنة 1869 كثيرا ما كان يحبذ تشديده في إبطال النخاسة والرق، ويختلق المناسبات ليحبب إليه فكرة إرسال حملة عسكرية إلى عقر دار النخاسين في أقاصي السودان، تضرب على أيديهم، وتقطع دابرهم، فيحمله على استمراء لذة المجد الذي تتوج أجيال المستقبل بهالته، ذكره، إذ تقرن باسمه، في تاريخ قومه، لقب «مبطل الرق» في السودان، وكانت البرنسيس أوڨ ويلز قرينة البرنس ألبرت إدورد - وهي الملكة ألكسندرا البارة أم الملك چورچ الخامس البريطاني إمبراطور الهند - تنضم إلى بعلها في التحبيذ والتحبيب؛ وتضفر بيديها الجميلتين بعضا من الأشعة المتكونة منها تلك الهالة!

فتأمل، يا رعاك الله! في مقدار تأثير ذلك في نفس (إسماعيل) الكرمية!

ومن جهة أخرى، فإن كبار النخاسين في السودان - وأشهرهم الزبير رحمت باشا - كانوا بسبب إغضاء موظفي الحكومة المصرية عنهم، بل وضلعهم معهم - وذلك «لأن كل موظف في السودان، سواء أكان تركيا أم مصريا، كان لا يستطيع اجتثاث ميله إلى النخاسة والنخاسين» حسب قول شڨاينفرت، الرحالة الألماني - وذلك بسبب تقوي سواعدهم من النخاسة عينها؛ لتكوينهم، من الشبان السود، الذين كانوا يصطادونهم، وأباق الأعبد، كتائب شعواء يبثونها في الأصقاع، فتنشر مهابتهم، وتكتسح لهم، كانوا قد بلغوا بذلك إلى درجة من القحة والطمع، حملت معظمهم على الطموح إلى الإمارة والملك، فالاستقلال بالجهات المنتشر ظل هيبتهم فوقها.

فكان لا بد (لإسماعيل) من تشديد عزيمته على كسر شكوتهم، والبطش بهم، والحيلولة بين زمرهم وبين بؤساء تلك الربوع، التي كانوا يشنون غاراتهم عليها.

فانتدب، أولا، لهذه المهمة، السير صموئيل بيكر، مستكشف بحيرة ألبرت نيانزا، بناء على توصية البرنس أوڨ ويلز نفسه؛ وأنعم عليه برتبة فريق مع لقب باشا، وسماه حاكما على البلاد الاستوائية لمدة أربع سنين، تبتدئ من أول أبريل سنة 1869 براتب قدره عشرة آلاف جنيه سنويا؛ وسيره إليها على رأس جيش مؤلف من 1700 رجل، معهم ثلاث بطاريات مدافع جبلية، وبطارية ساروخ، بعد أن زوده بفرمان من لدنه، يعهد إليه، بمقتضاه، في فتح تلك البلاد، وإبطال تجارة الرقيق فيها، وتنشيط زراعتها.

فقام بيكر، ومعه امرأته، من السويس في 5 ديسمبر سنة 1869؛ وذهب عن طريق سواكن وبربر إلى الخرطوم؛ وفي السابع من شهر فبراير سنة 1870 قام منها بثلاثين مركبا؛ فنزل بالقرب من ملتقى نهر صوبت بالنيل الأبيض، وبنى محطة سماها «التوفيقية»، تيمنا باسم ولي العهد، أقام فيها سبعة أشهر، ثم سار في بحر الزراف إلى جندوكورو، فبلغها في 21 أبريل سنة 1871؛ وبعد أن أقام فيها شهرا، رفع عليها العلم المصري، وسماها «الإسماعيلية»؛ وجعلها مركزا لحكومته، وفي 23 يناير سنة 1872 سار منها ببعض الجند، جنوبا، فأنشأ عدة نقط عسكرية، وتقدم إلى بلاد يونيورو، فخلع ملكها «كبريقه»، لأنه خاتله؛ وولى بدله مزاحما له يدعى «ريونجا»، وفي 14 مايو سنة 1872 أعلن ضم بلاد يونيورو إلى المملكة المصرية، رسميا، وأنشأ نقطة عسكرية في عاصمتها «مسندي»، وهي على 50 ميلا من بحيرة ألبرت نيانزا، وعقد شروطا ودية مع متاسي أومتيزا، ملك أوجندا؛ وبذلك تدرج إلى بسط نفوذ الحكومة المصرية من الصوبت إلى بحيرة ڨكتوريا نيانزا، ولكن هذا النفوذ لم يدم طويلا في يونيورو، فإن كبريقا الملك المخلوع جمع جموعه وهاجم بيكر في «مسندي» ولم يكن معه إلا مائة رجل؛ فأخلاها، مضطرا، في 14 يونية سنة 1872، وسار إلى فاتيكو، ومنها إلى جندوكورو؛ فبلغها في أول أبريل سنة 1873 أي: يوم نهاية مدة حكمه على خط الاستواء، فترك عسكره فيها، وقام في 26 مايو سنة 1873 إلى الخرطوم، ومنها إلى مصر، فوصل إليها في 24 أغسطس سنة 1873؛ واستعفي من وظيفته، فقبل استعفاؤه، وقد كتب عن قيامه بمهمته هذه كتابا سماه «الإسماعيلية» سرد فيه وقائعها وحوادثها؛ وبين المصاعب التي لاقاها، والأهوال التي اعترضته في سعيه إلى إبطال الرق، وعمله على البطش بالنخاسين في تلك البلاد القصية، وهو كتاب تلذ مطالعته وتفيد جدا.

ناپیژندل شوی مخ