مصر په عهد خدېوي اسماعيل باشا کې
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
ژانرونه
وكانت الحكومة المصرية قد قررت في عهد عباس - ولا ندري لماذا - ألا تخرج السفن من ميناء السويس إلا بالترتيب، فما دامت السفينة التي عليها رقم 1، مثلا لم تنته من مشحونها، أو لا تزال غير مستعدة للسفر، فإن السفينة التي عليها رقم 2 تضطر إلى الانتظار وعدم الخروج، ولو أنها قد انتهت من شحن مشحونها وباتت على غاية الاستعداد للرحيل؛ وهلم جرا.
3
فشاحنو البضائع إلى موانئ البحر الأحمر كانوا يضطرون، مهما استدعت إرسالياتهم من إسراع، إلى الانتظار، ريثما يروق الإقلاع لصاحب السفينة السابق رقمها رقم سفنهم، فإن لم يرق له، ورغبوا، هم في السفر، تحتم عليهم الخضوع لكل الشروط التي يوحي بها الطمع، فينجم عن ذلك أحد أمرين: إما أن تزيد مصاريف الشحن زيادة فاحشة، وإما أن تتأخر البضائع في السويس تأخرا ضارا.
فألغى محمد سعيد باشا هذا النظام؛ واستبعد من قوانين الموانئ كل ما من شأنه إيجاد عراقيل في سبيل الإتجار.
فنزل سعر الشحن نزولا محسوسا جدا وراجت الأسواق التجارية رواجا عظيما؛ كانت نتيجته، من جهة، أن التجارة الخارجية سارت في طريق الصعود سيرا حثيثا؛ وارتفعت حركة الثغر الإسكندري - وكان المصدر العام لها تقريبا - من 81173050 فرنكا في سنة 1841 إلى 183902000 فرنك في سنة 1856 وإلى نحو مائتي مليون فرنك؛ أي: ما يقرب من ثمانية ملايين من الجنيهات في سنة 1862.
وتلا ارتفاعها أن اتخذ النشاط التجاري في الإسكندرية شكلا لم تعهده القرون الأولى فيها، منذ الفتح العربي؛ وأنشأ بورصة مالية انتشرت المضاربات فيها، على أثر صعود أسعار القطن في سنة 1862، بسبب الحرب الأهلية الأمريكية، انتشارا مروعا، ضارع في شدته وعنفه المشاهد منه في العواصم الأوروبية؛ وأدى إلى ثروات عظيمة زالت بسرعة فجائية عظيمة أيضا، لقيامها على بيع وشراء يعقد بالكلام لا بالتسليم، وتتحول إلى الغير بمكاسب طائلة أو بخسائر فاحشة.
وكانت نتيجة الرواج، من جهة أخرى، أن التجارة الداخلية انتقلت إلى أيدي الأهلين؛ وانحصرت فيهم شيئا فشيئا، لتفوقهم على عمال التجار الأجانب في معرفة عادات البلد وتقاليده ولغته وأساليبه؛ ولا سيما لقناعتهم في المأكل والمكسب، وأصبحت المراكب والسفن الشراعية التي تجتاز المحمودية، على الأخص، ومجاري النيل، على العموم، مشحونة، إن لم يكن كلها، فجلها، ببضائع لتجار من الأهلين، اشتروها من المزارعين مباشرة، في داخلية البلاد، ليبيعوها في الإسكندرية إلى التجار الأجانب نقدا وعدا.
وقد قال يومئذ أحد كبار التجار الغربيين لكاتب فرنساوي بليغ كان قد زار البلاد في أواخر سنة 1856، وهو يشير إلى امرأة مصرية، حافية القدمين، ومرتدية لباسا يكاد يكون رثا: «أتراني إذا قلت لك إني دفعت الآن إلى هذه المصرية، ذات المظهر الحقير المبتعدة أمامك، أربعمائة جنيه إنجليزي ثمن بضائع أتتني بها، أتصدقني؟»
4
وحمل اتساع التجارتين الخارجية والداخلية سعيد باشا على إنشاء شركتين للملاحة: إحداهما بحرية، والثانية نيلية.
ناپیژندل شوی مخ