مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
ژانرونه
وقد كان «مسيت» - ولا شك - محقا في ملاحظته؛ لأنه لم يكن بوسع محمد علي أن يفقد مؤازرة الأرنئود ورؤسائهم - وهم عماد قوته فضلا عن أنهم من جنسه - ليتحد مع جماعة كانوا قلة ولا سلطان ولا نفوذ لهم في شيء، وبرهنت الحوادث منذ طرد «باشتهم» محمد خسرو من القاهرة في المرة الأولى (مايو 1803) إلى حادث طرده في هذه المرة الأخيرة على أنهم لا حول ولا قوة لهم أمام الأرنئود، فلم يكن اتحاد «محمد علي» - غير الطبيعي - معهم سوى مظاهرة قصد بها محمد علي إلى بلوغ الأغراض بعينها التي توخاها من توليته محمد خسرو.
وفي 24 أبريل عاد مسيت للكتابة مرة أخرى في هذا الموضوع نفسه، فقال: «إنه قد أذيع بالإسكندرية خبر تعيين الجزار باشا لولاية مصر.»
تلك إذن كانت أقوال الوكلاء الإنجليز ورجال السفارة الإنجليزية في القسطنطينية عن ولاية خورشيد باشا، وهي تنفي صدور فرمان من الباب العالي يسمي خورشيد لباشوية القاهرة.
على أن أقوال الوكلاء الفرنسيين ورجال السفارة الفرنسية في القسطنطينية، تنفي هي كذلك صدور هذا الفرمان لخورشيد وتؤكد تعيين أحمد باشا الجزار لولاية مصر في نفس الوقت الذي راح فيه خورشيد يذيع في القاهرة والإسكندرية نبأ تعيينه ويساعده محمد علي على الوصول إلى غايته؛ فقد كتب «دروفتي» من الإسكندرية إلى الجنرال «برون» في 17 فبراير 1804 أنه «علم أن خورشيد قد وصلته بتواريخ حديثة العهد جدا فرمانات من الباب العالي لتعيينه لباشوية رودس، ومن ضمن هذه الفرمانات، فرمان صدر بتثبيت علي باشا الجزائرلي في ولاية مصر.»
وعندما بلغ القسطنطينية نبأ قتل علي باشا الجزائرلي، كتب «برون» إلى حكومته في 10 مارس «أن الريس أفندي موافق على أن هذا الحادث كان نتيجة مكائد «مسيت» - ثم أردف يقول: وقد تعين الجزار باشا واليا على مصر، ويصرحون في الدوائر السياسية العليا بأن الإنجليز يريدون احتلال الإسكندرية احتلالا عسكريا، ولكن الريس أفندي قد أكد له أن بالإسكندرية سفنا حربية وجندا كافين لرد أي اعتداء يقع عليها، ولإبقائها في حوزة الباب العالي ومن ذلك تنشأ فكرة تعيين الجزار باشا لحكومة مصر.
وقد سجل «برون» ما دار من أحاديث بينه وبين الريس أفندي في مؤتمر عقد بعد ذلك بيومين (12 مارس) تناول الاثنان فيه البحث في مسألة محاولة المماليك الاستيلاء على الإسكندرية، وتوسط الوكلاء الإنجليز وذهاب «ريجيو» ترجمان القنصلية الإنجليزية لمفاوضة خورشيد باشا في ذلك، وإرسال الباب العالي أوامره إلى خورشيد باشا؛ لرفض دخول جند البكوات إلى الإسكندرية، كما تحدث الريس أفندي عن محاولة الإنجليز التدخل في شئون مصر منذ حادث طرد خسرو باشا في مايو من العام السابق، وتصميم الباب العالي على دفع كل غزو قد يقع على مصر، فذكر «برون» عند تسجيله هذه الأحاديث ما يؤخذ منه أن فكرة تعيين الجزار باشا كان مبعثها تلافي هذه الأخطار جميعها.
وفضلا عن ذلك فقد كتب «برون» إلى «تاليران» في 24 مارس «أن الباب العالي يعقد آمالا عظيمة على نجاح سياسته في إسناد حكومة مصر إلى الجزار باشا، وهو - كما يؤكد الوزراء العثمانيون - برهان على أنهم لا يرضون عن تدخل «الإنجليز» في شئون مصر.
وما إن بلغت القسطنطينية أنباء الانقلاب الأخير وطرد البكوات من القاهرة، ثم تنصيب خورشيد باشا واليا على مصر حتى كتب «برون» في 10 أبريل «أن الأخبار قد جاءت القسطنطينية تنبئ بأن الأرنئود قد انفصلوا عن البكوات وأوقعوا بهم الهزيمة، ثم اضطروهم للانسحاب إلى الصعيد، وأنهم؛ أي الأرنئود قد قدموا خضوعهم للباب العالي الذي صفح عنهم، وأن «علي باشا الجزائرلي» قد قتل، وخلفه خورشيد باشا.»
وقد ذكر «برون» تاريخ وصول هذه الأنباء إلى القسطنطينية على وجه التحديد، فقال في رسالة تالية له في 17 أبريل إن «ططريا قد وصل من القاهرة في 7 أبريل؛ أي بعد إعلان ولاية خورشيد باشا في الإسكندرية والقاهرة واستلامه شئون الحكم فعلا - بأنباء تفيد أن الأرنئود قد قتلوا البكوات جميعهم! وأن خورشيد باشا قد ذهب إلى القاهرة بوصفه واليا على مصر. ثم استطرد «برون» يقول: إن الريس أفندي قد أبلغه في 8 أبريل أن البكوات قد قتلوا، ما عدا الألفي الكبير والألفي الصغير وعثمان البرديسي، وأن مصر قد عادت أخيرا إلى حظيرة الإمبراطورية العثمانية.»
وأما الوكلاء الفرنسيون في مصر فقد حرصوا من جانبهم على إبلاغ حكومتهم أن خورشيد باشا أغا تولى باشوية مصر، من غير أن يصدر له أي فرمان من الباب العالي يخوله ذلك، فقد كتب «ماثيو لسبس» من الإسكندرية في 16 مارس؛ أي غداة إعلان ولاية خورشيد رسميا؛ أنه ذكر لخورشيد أن «هذا الحادث السعيد يحتم عليه العودة إلى القاهرة ليشغل منصبه بها، ولكن خورشيد طلب منه البقاء بالإسكندرية إلى أن يبعث إليه بخطابات من القاهرة» يدعوه فيها للمجيء إليها؛ أي أن خورشيد قد فعل مع «لسبس» نفس ما فعله مع «مسيت» وللأسباب نفسها التي أوضحها «مسيت» لحكومته.
ناپیژندل شوی مخ