302

مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

ژانرونه

أحد رئيسي الإدارة المالية على أيام الحملة الفرنسية - وكان سلفه «بوسيلج»

- وقد شرح حسين أفندي في هذه الأجوبة نظام الإدارة والحكم في الروزنامة في عهد الفرنسيين - كما سبقت الإشارة إليه - ثم أسند إليه هذا المنصب فعلا بعد خروج الفرنسيين، وكان «مطلق التصرف في الأموال الميرية، ويبلغها إذا سئل فيها للقائم بالدولة؛ أي الباشا الوالي، إيرادا ومصرفا، ليكون إجمالا لا تفصيلا، لكونه أمينا وعدلا، وكان الإيراد والمنصرف محررا ومضبوطا في الدفاتر التي بأيدي الأفندية الكتاب، ومن انضم إليهم من كتاب اليهود في دفاترهم أيضا بالعبراني، لتكون كل فرقة شاهدة وضابطة على الأخرى.» وفي 18 أغسطس 1807 عينه الباشا في منصب الدفتردارية، ولكنه ما لبث أن عاد إلى منصبه الأول عندما وصل قابجي في 24 ديسمبر من العام نفسه، ومعه مرسومات، منها واحد بتقرير الدفتردارية باسم إبراهيم بن محمد علي.

ونجح الروزنامجي والأفندية في الاحتفاظ بسر مهنتهم، فاستخدموا خطا في تدوين سجلاتهم يعرف بخط القرمة، استعصت على غيرهم قراءته، فكانت هذه السرية من العوامل التي جعلتهم يستأثرون بإدارة مالية البلاد، ولكنها جعلت الباشا من ناحية أخرى، يتشكك في أمانتهم، وبخاصة عندما أعوزه المال، وسعى الساعون للوقيعة بحسين أفندي، فكانت محاسبة هذا الأخير، والمقربين إليه، الوسيلة التي تذرع بها الباشا لاستنضاح المال منهم، كما فعل مع المباشرين.

ولما كان الباشا قد «استحدث أقلام المكوس، وجعلها في دفاتر تحت أيدي الأفندية وكتبة الروزنامة، فقد صارت هذه من جملة الأموال الميرية في قبضها وتحاويلها، والباشا مرخي العنان للروزنامجي، ومرخص له في الإذن والتصرف.» واستمر ذلك حتى بدأ تغيره عليه، فكانت أول دسيسة أدخلوها في الروزنامجة، وابتداء فضيحتها وكشف سرها - كما قال الشيخ الجبرتي - أن اختار الباشا في 8 مارس 1810، أحد الأفراد المعروفين بالإدمان على المسكرات ويدعى خليل أفندي، وكان هذا كاتبا لخزينة محمد خسرو باشا، ولا يفيق من الشرب، وقلده النظر على الروزنامجي وكتابه، وسموه «كاتب الذمة؛ أي ذمة الميري من الإيراد والمنصرف، وكان ذلك عند فتح الطلب بالميري عن السنة الجديدة، فلا يكتب تحويل ولا تنبيه ولا تذكرة حتى يطلعوا خليل أفندي عليها ويكتب عليها علامته، فتكدر من ذلك الروزنامجي وباقي الكتبة.»

وكان الساعون بالوشاية في حق حسين أفندي الروزنامجي، بعض الأفندية الخاملين الذين أنهوا إلى المسئولين أن الروزنامجي ومن معه من الكتاب يوفرون لأنفسهم الكثير من الأموال الميرية ويتوسعون فيها، وكان سبب هذه الوشاية أن حسين أفندي ائتمن أحد خواص كتابه، أحمد اليتيم، «فأرخى له العنان، لفطانته ودرايته، فكان هو المشار إليه من دون الجميع، ويتطاول عليهم، ويمقت من فعل دون اطلاعه، وربما سبه ولو كان كبيرا أو أعلى منزلة منه في فنه، فيمتلئ غيظا، وينقطع عن حضور الديوان، فيهمله، ولا يسأل عنه، والأفندي الكبير لا يخرج عن رأيه لكونه سادا مسد الجميع، فدبروا على أحمد أفندي المذكور وحفروا له وأغروا به حتى نكبه الباشا.»

فحدث في أبريل 1810، أن كاشف إقليم الدقهلية أبلغ الباشا أنه قاس قطعة أرض داخلة ضمن إقطاع أحمد أفندي اليتيم، فوجد مساحتها خلاف المقيد بدفتر المقياس الأول، ومسقوط منها نحو الخمسمائة فدان، وذلك من فعل أحمد اليتيم ومخامرته مع النصارى الكتبة والمساحين؛ لأنهم يراعونه ويدلسون معه؛ لأن دفتر الروزنامة بيده، فأمر الباشا بالقبض عليه وسجنه، وتشفع فيه السيد محمد المحروقي وعلي كاشف الكبير الألفي، وكانا حاضرين بالمجلس، وبدعوى أنه مريض بالسرطان في رجله، أخذه المحروقي إلى داره، ثم راجع الباشا في أمره، فقرر عليه ثمانين كيسا بعد أن قال: إني كنت أريد أن أقول ثلاثمائة كيس، فسبق لساني فقلت مائة كيس، وقد تجاوزت لأجلك عن عشرين كيسا، وهو يقدر على أكثر من ذلك؛ لأنه يفعل كذا وكذا.

واستطرد الشيخ يقول: «وقد عدد الباشا أشياء تدل على أن أحمد أفندي اليتيم ذو غنية كبيرة، منها أنه لما سافر إلى الباشا بدفتر الفرضة (وقد سبقت الإشارة إلى سفره به مع المعلم غالي وعبد الله بكتاش) إلى ناحية أسيوط، طلع إلى البلدة في هيئة وصحبته فرس وسحاحير وبشخانات وكرارات وفراشون وخدم وكيلارجية ومصاحبجية، والحكيم والمزين، فلما شاهد الباشا هيئته سأل عنه وعن منصبه، فقيل له إنه جاجرت من كتبة الروزنامة، فقال إذا كان جاجرت بمعنى تلميذ، فكيف يكون باش جاجرت أو قلفاوات الإقليم، فضلا عن كبيرهم الروزنامجي، وأسر ذلك في نفسه.

وطفق الباشا يسأل ويتجسس عن أحوالهم. وفي مارس 1810 قلد خليل أفندي كتابة الذمة في الروزنامة - كما تقدم - وانضم إليه الكارهون للمذكور الذين كانوا خاملي الذكر بوجوده، وتوصلوا إلى باب الباشا وكتخدا بك، وأنهوا فيه أنه يتصرف في الأموال الأميرية كما يختار، وأن حسين أفندي الروزنامجي لا يخرج عن مراده وإشارته وبيته مفتوح للضيفان، ويجتمع عنده كل ليلة عدة من الفقراء، يثرد لهم الثريد في القصاع، ويواسي الكثير من أهل العلم وغيرهم، ويتعهد بكثير من الملتزمين بالفرض التي تقرر حصصهم، ويضمها في حسابه، ويصبر عليهم حتى يوفوها له في طول الزمن، ونحو ذلك، وكل ما ذكر دليل على سعة الحال والمقدرة.

وأما الذنب الذي أخذه الباشا به، فإن القدر المذكور (500 فدان) من الطين، كان من الموات، فاتفق أحمد أفندي اليتيم مع شركائه ملتزمي الناحية وجرفوه وأحيوه وأصلحوه بعد أن كان خرسا ومواتا لا ينتفع به، وجعلوه صالحا للزراعة، وظن أن ذلك لا يدخل في المساحة فأسقطه منها، فوقع له ما وقع، وأسقطوا اسمه من كتاب الروزنامة، ومنعوه منها.

وأمر الباشا في الوقت نفسه الكتاب بعمل حساب حسين أفندي الروزنامجي عن السنتين السابقتين (1223، 1224)، واستمرت عملية الحساب هذه أياما، ولكنها أسفرت عن زيادة مائة وثمانين كيسا لحسين أفندي، فلم يعجب الباشا ذلك، واستخونهم في عمل الحساب، ثم ألزم حسين أفندي بدفع أربعمائة كيس، وقال أنا كنت أريد منه ستمائة كيس، وقد سامحته في مائتين، في نظير الذي تأخر له. وأظهر الباشا رضاءه عن حسين أفندي، فخلع عليه فروة في اليوم التالي باستقراره في منصبه، ونزل حسين أفندي إلى داره، ولكنه سرعان ما حدث بعد الغروب أن حضر إليه جماعة من العسكر في هيئة مزعجة، ومعهم مشاعل، وطلبوا الدفاتر، وهم يقولون: معزول، معزول، وأخذوا الدفاتر وذهبوا، وحولوا عليه الحوالات بطلب الأربعمائة كيس، فاجتهد في تحصيلها ودفعها، ثم ردوا له الدفاتر ثانيا .

ناپیژندل شوی مخ