مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
ژانرونه
وخيل إلى خورشيد بالقلعة وسلحداره علي باشا بمصر القديمة «أن العساكر الذين في قلوبهم مرض تحاربوا مع أهل البلد»، وحاول الاثنان مهاجمة القاهرة فأنزل خورشيد جندا من القلعة وبعث علي باشا جندا آخرين من مصر القديمة لهذه الغاية، ولكن القاهريين وعلى رأسهم «حجاج الخضري وأهل الرميلة» هبوا لمحاربتهم مع «من معهم من عسكر محمد علي»، واشتد ضرب مدافع القلعة تجاوبها مدفعية محمد علي، وساهم عمر مكرم بقسط وافر من الإشراف على نشاط الأهلين، وانجلت المعركة عن هزيمة جند خورشيد وسلحداره.
وأما القابجي باشي وسلحدار الصدر الأعظم الذي جاء معه من القسطنطينية، فقد اضطرا إلى التوقف بعض الوقت في رشيد خوفا من الوقوع في أيدي المماليك والعربان والدلاة كذلك المنتشرين في الوجه البحري، وفي أول يوليو أرسل محمد علي والمشايخ والأعيان وفدا لاستقباله وملازمته مع طائفة من العسكر «لخفارته»، ودخل صالح أغا القاهرة في 9 يوليو، وفي اليوم نفسه وفي بيت محمد علي باشا قرئ «المرسوم الذي معه ومضمون الخطاب لمحمد علي باشا والي جدة سابقا ووالي مصر حاليا من ابتداء عشرين ربيع أول 1220ه/18 مايو 1805م؛ حيث رضي بذلك العلماء والرعية، وأن أحمد باشا «خورشيد» معزول عن مصر، وأن يتوجه إلى الإسكندرية بالإعزاز والإكرام حتى يأتيه الأمر بالتوجه إلى بعض الولايات.»
ويفسر «مسيت» ما حدث بقوله في رسالته إلى «كامدن» من الإسكندرية في 23 يوليو، «إن صالح أغا كان يحمل فرمانين مختلفين: أحدهما في صالح خورشيد باشا والآخر في صالح محمد علي، وكان عليه أن يبرز الفرمان الذي يتلاءم مع الظروف التي يجدها، ولكن «صالح أغا» أسرع بالذهاب إلى القاهرة ولذلك وضع نفسه هناك تحت سلطان محمد علي والأهالي الذين كان خمسة عشر ألفا منهم مسلحين بالبنادق، وضعف هذا العدد مسلحا بالنبابيت، فلم يستطع «صالح أغا» عدم التحيز في مسلكه حتى إذا كان هو نفسه يميل إلى ذلك، وبناء عليه فقد سلم إلى ديوان القاهرة فرمانا يثبت بمقتضاه عزل الباب العالي لخورشيد باشا وتعيين محمد علي لولاية مصر.»
وشرح «روفان»
Ruffin
من رجال السفارة الفرنسية بالقسطنطينية مسألة هذين الفرمانين المختلفين في رسالة له إلى «تاليران» في 22 يونيو، فقال: «إن «القابجي» الذي أوفد إلى مصر قد أرسل في مهمة خاصة ولديه مراسيم تقليد لحكومة مصر، وهو مكلف بالنظر فيما إذا كان خورشيد باشا أو محمد علي صاحب القدح المعلى والسلطة والنفوذ في مصر، وعليه أن يعطي التقليد - أو الباشوية - للأقوى منهما.»
وفي 11 يوليو أرسلت صورة من «المكاتبة الواردة مع صالح أغا» إلى خورشيد، ولكنه رفض الإذعان بدعوى أنه مقلد بمقتضى «خطوط شريفة» من السلطان وليس مجرد مرسوم وأنه لا ينعزل «بورقة مثل هذه»، ثم طلب مقابلة القابجي باشي وسلحدار الصدر الأعظم للمباحثة معهما، ولكن المشايخ «ومحمد علي» رفضوا طلوعهما إليه، ومع ذلك فقد أوقف خورشيد الضرب من القلعة مؤقتا، وخفف محمد علي والمشايخ من جانبهم شيئا من صرامة الحصار المضروب على القلعة، حتى قام بين الفريقين نوع من الهدنة، كان سببها من ناحية خورشيد أنه عول على انتظار ما تسفر عنه مساعي سلحداره علي باشا مع البكوات الذين كان قد بدأ خورشيد صلاته بهم منذ مدة على نحو ما سبق ذكره، وكان سببها من ناحية المشايخ أن هؤلاء ما لبثوا أن ضجوا من انتشار الفوضى والفتن بالقاهرة عندما تعود عدد كبير من الأهلين بسبب الحوادث الأخيرة ملازمة الشوارع والميادين العامة والانصراف عن أعمالهم ومزاولة حرفهم، وكثرت المشاحنات بينهم وبين العسكر، واعتقد المشايخ أن بوسعهم الاطمئنان إلى أن السلام سوف ينشر لواءه نتيجة للأوامر الواردة من الباب العالي، فأرادوا إنهاء هذه الفتن، فأبلغوا «محمد علي» في أنه قد صار «حاكم البلدة والرعية ليس لهم مقارشة في عزل الباشا ونزوله من القلعة، وقد أتاه؛ أي محمد علي الأمر»، فعليه أن ينفذه كيف شاء، وفوضوه في جمع السلاح من الأهالي، واستطاع محمد علي جمعه دون صعوبة، وبالرغم من تذمر الشعب الذي اتهم مشايخه بالجبن وقصر النظر «ونزل المشايخ إلى الجامع الأزهر وقرءوا بعض الدرس، ففترت همة الناس ورموا الأسلحة وأخذوا يسبون المشايخ ويشتمونهم لتخذيلهم إياهم.»
غير أن العسكر - من الدلاة خصوصا - انتهزوا هذه الفرصة فعادوا إلى أذية القاهريين «وتعرضوا لقتلهم وإضرارهم»، ثم ساد الذعر عندما اقترب المماليك من العاصمة، وعندئذ «ضج الناس وأغلقوا الدكاكين، وكثرت شكاواهم وأبلغوا السيد عمر النقيب» الذي حمل الشيخ الشرقاوي والشيخ الأمير مسئولية «أمر الناس برمي السلاح»، وانتهى الأمر عند اشتداد الهياج بالعودة إلى حمل السلاح «والتحذر» (15 يوليو)، وكان بكوات الصعيد في هذا اليوم قد وصلوا إلى قرب الجيزة، وعبر جماعة منهم النيل إلى البر الشرقي في جهة دير الطين والبساتين، واستولى البرديسي وإبراهيم وعثمان حسن على طرة وهدموا قلاعها (16 يوليو).
فقد شاهدنا كيف أن البكوات بمماليكهم قد انسحبوا إلى الجنوب بعد سقوط المنيا (14، 15 مارس 1805)، ثم عادت طوائف منهم إلى الظهور في مصر الوسطى والوجه البحري بعد مغادرة محمد علي وحسن باشا المنيا إلى القاهرة، واقترب الألفي بك من القاهرة بعد أن استقدم خورشيد سلحداره بالقسم الأكبر من جنده من الصعيد، فاتخذ الألفي مواقعه في الجيزة أولا ثم أقاليم الوجه البحري في دمنهور ثم في طرانة ثم في الجيزة عند المنصورية بالقرب من الأهرام يرقب الحوادث، كما شاهدنا كيف بدأ خورشيد صلاته بالألفي وببكوات الصعيد يطلب مساعدتهم له، وقد ذكرنا أن الألفي - حوالي منتصف مايو - سأل «محمد علي» والمشايخ الدخول إلى القاهرة، ولكن هؤلاء طلبوا منه «التأني» حتى تسكن الفتنة، وذلك في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات دائرة بين الألفي وخورشيد، وكان السبب الذي جعل «محمد علي» يرفض مطلب الألفي الذي عرض محالفته عليه، عدم اطمئنانه إلى أية محالفة مع البكوات بعد أن حطم حكومتهم بالقاهرة أولا، وطارد فريقا منهم «جماعة الألفي» في الوجه البحري، وأوقع الهزيمة بفريق آخر «جماعة البرديسي وإبراهيم» في الوجه القبلي.
ولكن خورشيد الذي أراد الاستعانة بهم في محنته لم يتردد عن قبول محالفة الألفي وبكوات الصعيد، وقام سلحداره علي باشا بدور الوسيط بينه وبينهم، ورحب أكثرهم بعروض السلحدار، وتقدموا من الصعيد «منفلوط» على مراحل متتابعة حتى صاروا قريبين من أسوار الجيزة التي تحصن بها السلحدار علي باشا، وأنشأ منها خطا للاتصال بالقلعة لإمداد خورشيد بالمؤن والذخائر في كل مرة تخف فيها وطأة الحصار المضروب عليها.
ناپیژندل شوی مخ