مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
ژانرونه
وكان السبب في ذكر هذه العبارة الأخيرة أن «أنصار المماليك» صاروا يشيعون منذ انسحاب محمد علي من الصعيد أنه يعمل بالاتفاق مع البكوات، كما كان الألفي حليف الإنجليز قريبا من القاهرة يرقب سير الحوادث؛ حيث «حضر ومن معه من أمرائه وعربانه وانتشروا جهة الجيزة واستقر هو بالمنصورة قرب الأهرام، وانتشر أتباعه إلى الجسر الأسود، وأرسل مكاتبة إلى السيد عمر أفندي والشيخ الشرقاوي ومحمد علي باشا يطلب له جهة يستقر فيها هو وأتباعه، فكتبوا له بأن يختار له جهة يرتاح فيها ويتأنى حتى تسكن الفتنة القائمة» بالقاهرة، فخشي «دروفتي» أن يكون هناك اتفاق بينه وبين محمد علي، ولو أنه رفض أن يصدق رضاء الأخير باقتسامه السلطة معه، وفضلا عن ذلك فقد أوصى «دروفتي» الوكيل الفرنسي «مانجان» بالقاهرة في رسالة بعث بها إليه في اليوم نفسه (16 مايو) بأن يسعى جهده لكسب صداقة محمد علي، مع عدم نسيانه في الوقت نفسه اتخاذ قدر كبير من الحيطة والحذر في سعيه «حيث إنه قد أتيحت الفرصة «لفرنسا» منذ حدوث الثورة الأخيرة في الديوان العثماني؛ أي سقوط الوزارة؛ لأن يتجدد رجاؤها في استعادة علاقاتها الودية القديمة وتفاهمها مع الباب العالي، وذلك أنه يبدو «لدروفتي» أن «محمد علي» بسبب ما اتخذه من خطوات أخيرا إنما يريد الظفر بباشوية مصر، كما يبدو له أنه يريد الاستحواذ على السلطة برضاء المشايخ والشعب، بل ومن المحقق بسبب هذا المسلك أنه إنما يبغي أن يجعل الباب العالي يقبل بالضرورة - إعطاءه دون أي مقابل - منصبا اقتحمه اقتحاما.»
وأما عرضحال المشايخ فقد رفع إلى خورشيد في اليوم نفسه (12 مايو) ورأى خورشيد لأسباب ظاهرة أنه يستحيل عليه تنفيذ ما تضمنه من شروط، ولما كان عمر مكرم في طليعة من أيدوها، واعتقد خورشيد أن في وسعه تحريك العامة ضده إذا هو رفضها؛ فقد قرر التخلص منه ومن سائر رؤساء هذه الحركة الشعبية وبعث يدعوه من الغد مع القاضي والمشايخ ليعمل معهم مشورة، ولكن أحدا منهم لم يجد من الحكمة قبول هذه الدعوة؛ خوفا من غدره بهم، ثم ما لبثت أن تأكدت ظنونهم عندما «حضر بعد ذلك من أخبرهم أنه كان أعد أشخاصا لاغتيالهم في الطريق وينسب ذلك الفعل لأوباش العسكر فيما لو عوتب بعد ذلك».
وفضلا عن ذلك فإنه لم يكن في نية أحد من أصحاب هذه العريضة - وبالرغم من تحريرها وتقديمها - الاتفاق أو التفاهم مع خورشيد، بل كثر اللغط والكلام عقب الفراغ من إعدادها مباشرة بين القاضي والمشايخ والوجاقلية في موضوع واحد هو عزل خورشيد باشا والمناداة بولاية محمد علي، كما دار الكلام في ذلك بين أفراد الشعب نفسه.
وعلى ذلك، فإنه لما لم يجب أحد دعوة خورشيد، فقد أعلن هذا الأخير في صبيحة اليوم التالي (13 مايو) رفضه لشروط المشايخ وعريضتهم، فبادر المشايخ من فورهم بالاجتماع في بيت القاضي، واحتشدت الجماهير كعادتها، ولكنها منعت من الدخول «وحضر إليهم سعيد أغا والجماعة»، وأصر عمر مكرم على خلع خورشيد وعزله، ولما كان القاهريون يرجون من أي تغيير يحدث زوال بعض ما كانوا يعانونه من مظالم وتخفيف بعض الأعباء التي أبهظت كواهلهم، فقد تعالت صيحات الجماهير المحتشدة بعزله؛ لجوره وظلمه، فقر الرأي على طرد خورشيد من الولاية وتولية محمد على مكانه، وقصد المجتمعون إلى محمد علي في داره.
ويصف الشيخ الجبرتي ما وقع بين محمد علي وبين المشايخ الذين «قالوا له: إنا لا نريد هذا الباشا حاكما علينا ولا بد من عزله من الولاية فلما سألهم: ومن تريدونه يكون واليا؟ قالوا له: لا نرضى إلا بك، وتكون واليا علينا بشروطنا؛ لما نتوسمه فيك من العدالة والخير، فامتنع أولا ثم رضي، وأحضروا له كركا وعليه قفطان، وقام إليه السيد عمر والشيخ الشرقاوي فألبساه له وذلك وقت العصر، ونادوا بذلك في تلك الليلة في المدينة.»
وكانت الشروط التي قبلها محمد علي هي نفسها التي رفضها خورشيد، والتي جعلهم محمد علي يطلبونها منه، وهو يعرف أن خورشيد لن يقبلها لاستحالة تنفيذها لعدم وجود المال لديه لدفع مرتبات الجند، وحملهم بذلك على الامتثال لأوامره، وإعادة الأمن والسلام إلى القاهرة بإبعادهم منها، علاوة على عجزه عن إخراجهم لهذا السبب نفسه - عدم دفع المرتبات - لقتال المماليك وفتح المواصلات مع الصعيد.
وفي رسالة «مسيت» إلى حكومته في 18 يونيو من الإسكندرية يذكر مسألة هذه الشروط التي قبلها محمد علي فيقول: إن المشايخ وأعيان القاهرة صمموا قبل رفع محمد علي إلى منصب الولاية أن يوقع على تصريح أو إعلام
Declaration
يتضمن نفس الشروط التي سبق ذكرها، والتي ذكر منها «مسيت» على وجه التحديد في هذا التصريح أو الإعلام عدم السماح للجنود ما عدا الشرطة بدخول القاهرة بسلاحهم «وعدم فرض أية إتاوات غير قانونية في أي جزء من أجزاء مصر»، بينما تضمن المنشور - أو الإعلام - مواد أخرى أقل أهمية ولكن غرضها جميعها ضمان أمن الأهلين وسلامتهم.
وأبلغ المشايخ الخبر إلى خورشيد، ولكنه أعلن تصميمه على التمسك بمنصبه؛ لأنه «مولى من طرف السلطان» - كما قال - فلا يعزل «بأمر الفلاحين»، وصح عزمه على المقاومة، معتمدا على ما لديه من قوات في القلعة التي بادر بحمل المؤن إليها، ومؤملا خيرا فيما هو واقع من انقسام في صفوف الأرنئود أنفسهم ومناصرة فريق منهم له، عاقدا آمالا كبارا في الوقت نفسه على ما قد تسفر عنه جهوده التي صار يبذلها بنشاط لاستنهاض همة البكوات المماليك لنجدته من ناحية، ولإقناع الباب العالي بتأييده من ناحية أخرى.
ناپیژندل شوی مخ