يا مصر، أنت في عيني شابة فتية فارعة الطول، مستقيمة القوام ، ممشوقة القد، معتدلة القامة، طويلة العنق، واسعة العينين، مزججة الحاجبين، مستقيمة الأنف الدقيق، ذات فم كخاتم سليمان، ووجه مستدير جميل، ووجنتين في حمرة التفاح، وشفتين بلون العناب، وأسنان بيضاء لامعة كاللؤلؤ كأنك تلك التي تغنى الشاعر في جمالها إذ قال:
فأرسلت لؤلؤا من نرجس وسقت
وردا وعضت على العناب بالبرد
أما صدرك فناتئ إلى الأمام يطفح حيوية وشبابا وصحة وقوة، لا يخاف ولا يهاب، وإنما يرهب وينشد، يطلب ولا ينبذ، يشتهى ولا يعرض عنه .. هكذا أنت في ناظري وخاطري وفي مشاعري.
يا مصر، أنت عندي أشجع من أبي، وأروع من أخي، وأبهى وأسمى من أمي؛ لأنك دائما في خاطري، وأنا دائما في خاطرك .. كلانا مرتبط بأسمى رباط .. فأنت تريدينني في كل وقت، وتقبلينني في كل يوم، وتربتين على كتفي في كل حين .. وليس من طبعك أن تنكريني أو تتنكري لي، أو تذيقيني مرارة الحياة، بل أراك تلعقينها معي حتى تجتريها عني، وتحميني من أذاها وشرورها.
يا مصر، يا كبيرة القلب، يا حلوة العينين، ويا جميلة المشاعر .. يا كريمة، يا عامرة، يا واسعة الصدر، يا رحيمة، يا عظيمة .. أنا أحبك كل الحب، بل وأهواك كل الهوى .. أنا لك إلى يوم أن أموت وألتقي بترابك العزيز. سوف أحتضنك بذراعي كما كنت أحتضن أمي يوم خرجت من أحشائها كي أرى وجه مصر الصبوح، وألتقي بوجه أمي مع وجه بلدي، فأرى أحلى الوجوه وأشرق الجباه، وأجمل السنا والآمال.
يا مصر، أنت حلوة الوجه .. وحلوة القلب .. وحلوة الروح .. أنت خفيفة الظل، باسمة مرحبة، ملاقية معطاءة جوادة .. يضحك نيلك دائما، ويسخو باستمرار؛ لأنه يجرى فيك، وينساب في أراضيك، ويروي حقولك ومزارعك، وغدا يروي الفيافي والصحاري.
هواؤك يا مصر منى الأرواح
أينما يسافر المصري فلن يجد طقسا بديعا كطقس مصر .. ففي الخارج، في أوروبا مثلا أو في الأمريكتين، يتعرض الطقس إلى برد شديد، وثلوج ورعود وأمطار، بلا رابط ودون سابق إنذار .. فهي متوقعة في أي وقت وعلى مدار العام. ويكاد فصل الصيف في البلاد الأوروبية أن يكون فصلا ضعيفا هزيلا، وقد تشتد فيه الحرارة فتفوق حرارة صيف مصر الجميل.
والطقس في البلاد العربية، إما أن يكون شديد الحرارة إلى درجة قاتلة، وإما أن يكون طقسا صحراويا قاتلا، لا يجد المرء إزاءه إلا أن يتبرم أو يشكو!
ناپیژندل شوی مخ