ومصر كأم لنا جميعا؛ تستحق منا كل فخر وإعجاب، وكل حب وإعزاز وتقدير، وكل تضحية وفداء .. فهي ترعانا ولا تنسانا، ترانا ولا تغفل عنا، تسهر علينا ولا تهملنا، تهوانا ولا تكرهنا، تعبدنا ولا تنبذنا .. إنها كأي أم رءوم .. تكن لنا جميعا حبا دونه كل حب، وتغمرنا بأفضالها العميمة ، وتتركنا نرتع في ربوعها، نحصد من زرعها ونعب من نيلها، ونستدفئ بشمسها، ونستنشق هواءها النقي العليل .. هي التي تكسونا بصوفها وقطنها وكتانها .. وهي التي تنعم علينا بحريرها وقزها .. هي أم ولا كل أم، إنها فوق جميع الأمهات .. فهي أم الدنيا التي كم تغنى بحبها الشعراء! والمصريون ينشدون معا: «يا مصر يا أم الدنيا حبك في القلب سكن، كلنا تحت أمرك وخدامين للوطن» .. نعم، هي بحق أم الدنيا؛ لأنها أحسن أم جاد بها الزمان على بني الإنسان.
عشت لي يا مصر، يا أمي وأم أخي وأختي، وأم عمي وعمتي، وخالي وخالتي، وصديقي وصديقتي، وأم جاري وجارتي .. وأم كل هاربة أو غير هاربة، وشاردة أو غير شاردة .. يا أم الملتاعين وغير الملتاعين .. يا أم الملايين، لك مني كل حب وتقدير وإخلاص مبين.
ما أحلى شمسك يا مصر!
ما أعظم نعم الله علينا! فهي لا تحصى ولا نألوها شكرانا، وتزداد علينا في كل يوم وكل ليلة تظاهرا .. ومن أجل هذه النعم أن جعل الشمس لنا علامة واضحة تنظم حياتنا، وترتب لنا أوقات عملنا وراحتنا .. وطالما هناك شمس فهناك صحة وعمل، وكد وكفاح ونضال هذا مدلول أول، لا ننعم به وحدنا، ولكن تنعم به معنا دول الأرض قاطبة.
ومن أفضل نعم الله التي تفضل بها على أرض مصر بالذات، أن حباها بشمس مشرقة، شمس ساطعة تنتشر ظاهرة فوق ربوعها في كل يوم من أيام السنة بلا استثناء، بينما هناك بلاد لا ترى الشمس إلا لماما، وتتوق وتتحرق شوقا إلى أن ترى شمس مصر ولو ساعة واحدة في كل عام؛ إذ لو طلعت شمسها لبدت ضعيفة واهنة مسكينة، كأنما هي لا ترغب في أن تظهر لهم لينعموا بدفئها ونورها وأشعتها الذهبية وقرصها الوهاج الملتهب ...
وهناك من البلاد ما تشتد فيها حرارة الشمس إلى درجة تجعلها كانونا ملتهبا، تهدد الصحة وتثبط الهمة، وتجلب الكسل والنعاس والوهن.
بيد أن مصر من دون بلاد الله جميعا، خصها سبحانه وتعالى بشمس من أجل الشموس.
تظهر فيها الشمس من غير عجب
كأنها في الأفق قرص من ذهب
لذلك اشتهرت مصر في جميع بلاد العالم بشمسها حتى أطلقوا عليها اسم «أرض الشمس المشرقة»، فقرص شمسها حنون بلا قيود، يدفئك شتاء وينير يومك ساطعا صيفا دون أن يوهن من عزمتك أو ينال من صحتك وقوتك، ولا يفتك بجسدك أو يقضي على حياتك ...
ناپیژندل شوی مخ