باليسار عمود مصري من الخشب وقد حلي بورق اللوتس، وبالوسط جزء من حائط في قصر نبوخذنصر في بابل وبه رسم اللوتس المنقول من مصر، وبأسفل رأسان لأعمدة إغريقية بها حلية اللوتس المصرية، وباليمين عمود إغريقي حدث به تنقيح كبير فلا يرى ورق اللوتس إلا في أعلاه وقد استحال إلى حلية جميلة.
وما حدث في النحت حدث أيضا في البناء؛ فالمصريون هم الذين اخترعوا العمود ونقله الإغريق عنهم، والبرهان على هذا النقل أن المصريين استعملوا أوراق اللوتس المصري في تزيين الأعمدة، ولهذه الأوراق دلالة فنية ودينية عندهم، فنقل الإغريق هذه الحلية وليس لها هذه الدلالة.
فإذا تأمل القارئ هذه الرسوم وجد مصداق ما يقوله العلماء الآن، وهو أن المصريين أشاعوا الحضارة الأولى في العالم.
وقد ذكرنا الأدلة الحسية على نقل الحضارة المصرية إلى الشمال والشرق، ولسنا في حاجة لأن نذكر أن السودان الآن يحتوى على أهرام مثل الأهرام المصرية نقلها ملوك إثيوبيا عن مصر كما نقلوا معها العقائد والشعائر الدينية.
وأكبر تمثال للربة هاتور يوجد الآن في السودان، وملوك القبائل في إفريقيا قد تسربت إليهم الحضارة المصرية فمارسوا منها ما استطاعوا وما وافق مناخهم الحار، فالملك يعتبر إلى الآن عندهم من الآلهة كما كان الفراعنة عند أسلافنا.
وكذلك انتشرت عبادة رع «الشمس» عند أمم الشرق، وما يزال أثرها واضحا في حفلة التتويج لإمبراطور اليابان، ومن الأقطار والجزر الواقعة في جنوب آسيا الشرقي انتقلت الحضارة إلى أمريكا الغربية فشملت القارة، والبراهين على ذلك كثيرة منها أن شعائر مصرية دينية كانت تمارس في أمريكا الوسطى، ومنها تمثال لرأس فيل وجد في الشاطئ الغربي وليس في القارة الأمريكية فيلة، ومنها أن لفظة معزقة التي استعملت في أمريكا الجنوبية هي نفسها اللفظة التي استعملت في شرق آسيا الجنوبي.
حضارة مصر في أفريقيا
كان المصري القديم في بداية وجدانه المدني ينظر لشيئين:
الأول:
كيف يطيل عمره ويديم قوة شبابه.
ناپیژندل شوی مخ