141

مرقاة المفاتيح شرح مشکاة المصابیح

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

خپرندوی

دار الفكر

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

النَّاسِ مِنْ قَتْلٍ، وَخُصُومَةٍ، وَالْمَعْنَى لَكِنَّ الشَّيْطَانَ غَيْرُ آيِسٍ مِنْ إِغْرَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَمْلِهِمْ عَلَى الْفِتَنِ بَلْ لَهُ مَطْمَعٌ فِي ذَلِكَ، قِيلَ: وَلَعَلَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا يَجْرِي فِيمَا بَعْدَهُ مِنَ التَّحْرِيشِ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ أَيْ: أَيِسَ الشَّيْطَانُ أَنْ يُعْبَدَ فِيهَا لَكِنْ طَمِعَ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَ سَاكِنِيهَا، وَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ فَكَانَ مُعْجِزَةً لَهُ ﵊. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ): وَكَذَا أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
الْفَصْلُ الثَّانِي
٧٣ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّي أُحَدِّثُ نَفْسِي بِالشَّيْءِ لَأَنْ أَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
الْفَصْلُ الثَّانِي
٧٣ - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): ﵄ (أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ) أَيِ: الرَّجُلُ (إِنِّي أُحَدِّثُ نَفْسِي) أَيْ: أُكَلِّمُهَا بِالسِّرِّ يَعْنِي تُوَسْوِسُنِي فَإِنَّهُ غَيْرُ اخْتِيَارِيٍّ، أَوْ مَعْنَاهُ أَرُدُّ عَلَيْهَا (بِالشَّيْءِ): هُوَ فِي قُوَّةِ النَّكِرَةِ مَعْنًى، وَإِنْ كَانَ مَعْرِفَةً لَفْظًا لِأَنَّ (اَلْ) فِيهِ لِلْجِنْسِ، وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ بَعْدَهُ صِفَةٌ لَهُ، وَهِيَ قَوْلُهُ (لَأَنْ أَكُونَ حُمَمَةً) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ: فَحْمًا (أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ) أَيْ: بِشَيْءٍ، لَكَوْنِي حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ التَّكَلُّمِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ غَايَةِ قُبْحِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْخَوْضِ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا لَا يَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ تَجْسِيمٍ، وَتَشْبِيهٍ، أَوْ تَعْطِيلٍ، وَنَحْوِهَا، وَاللَّامُ لِلْقَسَمِ، أَوْ لِلِابْتِدَاءِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْمَلَكِ: اللَّامُ مُوَطِّئَةٌ لِلْقَسَمِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى أَدَاةِ الشَّرْطِ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ الْجَوَابَ بَعْدَهَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَسَمٍ قَبْلَهَا لَا عَلَى الشَّرْطِ، وَمِنْ ثَمَّ تُسَمَّى لَامَ الْمُؤْذِنَةِ، وَتُسَمَّى الْمُوَطِّئَةَ لِأَنَّهَا وَطَّأَتِ الْجَوَابَ لِلْقَسَمِ أَيْ: مَهَّدَتْهُ لَهُ نَحْوُ: ﴿لَإِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ﴾ [الحشر: ١٢] الْآيَةَ: كَذَا ذَكَرَهُ فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ. (قَالَ): ﵊ (الْحَمْدُ لِلَّهِ): شُكْرًا لِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى أُمَّتِهِ (الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ): الضَّمِيرُ فِيهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْطَانِ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ، وَالْأَمْرُ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ وَاحِدَ الْأَوَامِرِ، وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الشَّأْنِ يَعْنِي كَأَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْكُفْرِ قَبْلَ هَذَا، وَأَمَّا الْآنَ فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِمْ سِوَى الْوَسْوَسَةِ، وَلَا بَأْسَ بِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا قَبِيحَةٌ، وَالتَّعَوُّذُ بِاللَّهِ مِنْهَا، أَوِ الْمَعْنَى الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ شَأْنَ هَذَا الرَّجُلِ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْوَسْوَسَةِ، وَهِيَ مَعْفُوَّةٌ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
٧٤ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ («إِنَّ لِلشَّيْطَانَ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ، وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً: فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانَ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ، وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ، وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ، وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ؛ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ الْأُخْرَى؛ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) . ثُمَّ قَرَأَ ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ﴾ [البقرة: ٢٦٨]») . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
٧٤ - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ لِلشَّيْطَانِ) أَيْ: إِبْلِيسَ، أَوْ بَعْضِ جُنْدِهِ (لَمَّةً): اللَّمَّةُ بِالْفَتْحِ مِنَ الْإِلْمَامِ، وَمَعْنَاهُ النُّزُولُ، وَالْقُرْبُ، وَالْإِصَابَةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَقَعُ فِي الْقَلْبِ بِوَاسِطَةِ الشَّيْطَانِ، أَوِ الْمَلَكِ (بِابْنِ آدَمَ) أَيْ: بِهَذَا الْجِنْسِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْإِنْسَانُ (وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً): فَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ تُسَمَّى وَسَوْسَةً، وَلَمَّةُ الْمَلَكِ إِلْهَامًا (فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ): كَالْكُفْرِ، وَالْفِسْقِ، وَالظُّلْمِ (وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ) أَيْ: فِي حَقِّ اللَّهِ، أَوْ حَقِّ الْخَلْقِ، أَوْ بِالْأَمْرِ الثَّابِتِ كَالتَّوْحِيدِ، وَالنُّبُوَّةِ، وَالْبَعْثِ، وَالْقِيَامَةِ، وَالنَّارِ، وَالْجَنَّةِ (وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ): كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ (وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ): كَكُتُبِ اللَّهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْإِيعَادُ فِي اللَّمَّتَيْنِ مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ، وَالْوَعِيدُ فِي الِاشْتِقَاقِ كَالْوَعْدِ

1 / 143