وبلغنا عن النبي(1) (- صلى الله عليه وسلم -): أنه لما وادع المشركين عالم الحديبية، وكتب الهدنة بينهم "من محمد بن عبد الله رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) فقال المشركون - فيما بلغنا - : لو نعلم أنك رسول الله ما حاربناك؛ فضرب النبي (- صلى الله عليه وسلم -) على اسم الرسالة، وكتب: من محمد بن عبد الله".
معاوية بن أبي سفيان، فكتب إليه معاوية بن أبي سفيان - لو تعلم أنك أمير المؤمنين؛ لما حاربناك، فدع عنك اسم الإمارة، ونتكاتب بالآباء.
فبلغنا أن ابن العباس أشار عليه بذلك، وروي له ما فعل النبي (- صلى الله عليه وسلم -) عالم الحديبية في ترك اسم الرسالة؛ لما كره المشركون ذلك، فترك على اسم الإمارة، وكتب من على بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان.
فلما بلغ ذلك المسلمين وصلوا إلى علي، وأنكروا عليه ذلك، وقالوا له: ما حملك على أن تخلع اسما سماك به المسلمون؟ ولم يقبلوا من ابن عباس ما أشار به عليه، وفارقوا عليا على ذلك؛ حتى رجع إلى اسم الإمارة.
وكذلك الإمام إذا حد على شرب الخمر أربعين جلدة لم يقبل منه، ولو احتج بما فعل النبي (- صلى الله عليه وسلم -)؛ لأنه قد يجوز للنبي (- صلى الله عليه وسلم -) مالا يجوز لغيره من الناس، ويجوز للناس مالا يجوز للنبي (- صلى الله عليه وسلم -)؛ فقد أحل الله للنبي (- صلى الله عليه وسلم -) هبة المرأة نفسها، وحرم ذلك على غيره، وحرمت عليه الصلاة على المنافقين، وحلت لغيره من الناس، وحرم عليه الطلاق، والاستبدال بنسائه، وحل ذلك لغيره من الناس. وكل ذلك في كتاب الله تعالي. قال الله تعالي: " لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن ".
مخ ۷۹