وأما الدليل على أنه تعالي واحد لا شريك له، فرد لا ند له، انفرند بالخلق، والإبداع، وتوحد بالإيجاد، والاختراع، لا مثيل له يساميه ويساويه، ولا ضد له فينازعه، ويناويه فقد قال الله تعالي: " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا "، وبيانه أنهما لو كانا اثنين، وأرد أحدهما أمرا، فالثاني: إن كان مضطرا إلى مساعدته كان مقهورا عاجزا، ولم يكن إلها قادرا وإن كان قادرا على مخالفته، ومدافعته كان الثاني قويا قاهرا، والأول ضعيفا قاصرا، فلم يكن إليها قادرا.
فمدار هذا الباب على عشرة أصول، وهو: العلم بوجود الله، وقدمه، وبقائه، وأنه ليس بجوهر، ولا عرض، وأنه ليس مختصا بجهة، ولا مستقرا على مكان، وأنه مستو على العرش استواء القهر، والغلبة، الاستيلاء، وأنه ليس بمرئي، وأنه واحد لا شريك له.
فصل:
وأما التوحيد، والشرك، ومعناهما، وذلك ما يجب على العبد معرفته؛ لأنهم قالوا: لا يعرف الأشياء من لا يعرف حقائقها.
أما التوحيد فمعناه: إفراد الرب سبحانه عن الخلق، وجميع معانيهم، وترك التسوية بينه، وبين العباد في جميع أفعالهم وصفاتهم.
فحقيقة المعرفة به سبحانه أن الأشياء لا تشبهه، ولا يشبهها من جميع الجهات، في اسم، ولا صفة، ولا ذات، ولا فعل؛ لأنه لو أشبه شيئا من الأشياء، ولو في أقل قليل لدخل عليه العجز من تلك الصفة، فلهذا وجب على المكلف أن يعرف حقيقة الوحدانية لله تعالي وأن يصفه بما يليق به من الصفات، و أن ينفي عنه شبه الأشياء، وجميع الجهات.
وأما الشرك: فمعناه المساواة بين الأشياء في الأدوات، والصفات، ومعناه في الله تعالي هو التسوية بينه، وبين خلقه في الذات، والصفات، والأفعال. قال الله تعالي: " إذ نسويكم برب العالمين " الآية أي: في العبادة، والتعظيم وإثبات الألوهية.
مخ ۲۴۶