165

منهج الطالبین

منهج الطالبين

ژانرونه

وأما تكرير الكلام من جنس واحد، وبعضه يجزي عن بعض؛ لتكراره في " قل يا أيها الكافرون "، وفي سورة الرحمن: فإن القرآن نزل بلسان القوم، وعلى مذهبهم؛ فمن مذاهبهم: الاقتصار إرادة التخفيف والإيجاز؛ لأن تفنن المتكلم، والخطيب في فنون [القول]، وخروجه من شيء إلى شيء - أحسن من اقتصاره في المقام على فن واحد.

فقد يقول القائل في كلامه: والله لا أفعله ثم والله لا أفعله؛ إذا أراد التأكيد، وحسم الأطماع من أن يفعله؛ لما يقول: والله ... أفعله بإضمار لا؛ إذا أراد الإيجاز والاقتصار.

قال الله جل ذكره: " كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون " ثم قال جل ذكره: " فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا " وقال: " أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى "، وقال: "وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يوم الدين " كل هذا يريد [به] التأكيد للمعني الذي كرره، وقد يقول الرجل لغيره [المتهل]: أعجل أعجل، والرامي: إرم إرم.

وطعن قوم في تكرير معني بلفظتين مختلفتين مثل قوله: " الرحمن الرحيم " ومثل قوله: " يعلم سرهم ونجواهم "، ومثل هذا لا مطعن فيه؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب، والعرب يستعملون [ذلك] في لغتهم، [في] ما أنكروه، و [هم] إنما يكررون المعني بلفظتين مختلفتين؛ [إذا كانت اللفظة الواحدة] لا تساعده، ولا تساع اللغة في الألفاظ.

وذلك مثل قول القائل: آمرك بالوفاء، وأنهاك عن الغدر، وآمرك بالتواصل، وأنهاك عن التقاطع- والأمر بالتواصل: هو النهي عن التقاطع، ونحو قول القائل: لا تظلمه، ولا تجر عليه؛ فكرر المعني؛ لما اختلف اللفظان كما تقول: نديم، وندمان، ويروي عن ابن عباس أنه قال: الرحمن الرحيم.

مخ ۱۶۸