وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال حين صنع عثمان بالمصاحف ما صنع: والله الذي لا آله غيره، ما نزلت سورة؛ إلا وأنا أعلم حيث نزلت، وما من آية إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت، قال: وكانت الآية؛ إذا نزلت قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم): "اجعلوها في موضع كذا وكذا".
ويدل على ما قلنا ما روي(1) عن النبي (صلي الله عليه وسلم) أنه قال: "من تعلم القرآن فنسيه حشر يوم القيامة أجذم " فلو لم يكن القرآن مجموعا محفوظا، في عهد رسول الله (صلي الله عليه وسلم) لم يكن لذكره هذا الوعيد معني، [و] روي(2) عنه (صلي الله عليه وسلم) أنه قال: "عرضت على الذنوب؛ فلم أر ذنبا أعظم ممن حمل القرآن ثم تركه".
وفي بعض ما ذكرنا ما يدل على أن القرآن في عهد رسول الله (صلي الله عليه وسلم) قد كان مجموعا محفوظا والله أعلم.
فصل:
وأما تكرير القصص في القرآن، والسبب في ذلك - أن رسول الله (صلي الله عليه وسلم): كان يبعث إلى القبائل المتفرقة بالسور المختلفة، فلو لم تكن الأنباء والقصص مثناة مكررة لوقعت قصة موسى عليه السلام صلوات الله عليه إلى قوم، وقصة عيسي (عليه السلام) إلى قوم، وقصة نوح صلوات الله عليه إلى قوم؛ فأراد الله تبارك وتعالي، بلطفه، ورحمته، أن يسير هذه القصص في أطراف الأرض، ويلقيها في كل سمع، ويثبتها في كل قلب، ويزيد [بها] الحاضرين في الأفهام.
مخ ۱۶۷