قيل: إن أحمد بن أبي داود(1) الذي امتحن العلماء والفقهاء، في زمن من بعصره من الخلفاء، وسعي في حبسهم، وتنكيلهم، وسفك دمائهم، وإخراجهم من أموالهم، وأهليهم، وأوطانهم، حتى أصابهم من الضر ما لم يصب غيرهم، ليجبرهم على القول: أن القرآن مخلوق.
حتى أوتي الخليفة بشيخ من أهل (أطنة) (2) من الشام - مقيدا في أجل المحنة، وهو جميل الوجه تام القامة، حسن الشبهة، فلما رآه الخليفة استحيا منه ورق له.
فما زال يدنيه، ويقربه حتى قرب منه، وسلم عليه الشيخ، وأحسن، ودعا فأبلغ وأوجز، فقال له الخليفة: أجلس، فجلس، فقال له: ناظر ابن أبي داود على ما يناظرك عليه، فقال له الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن أبن أبي داود يضعف ويعجز عن مناظرتي.
فغضب الخليفة عليه وصار مكان الرقة له غضب عليه، فقال له الشيخ: هو عليك يا أمير المؤمنين ما بك، أو تأذن لأبي داود في المناظرة؟ فقال له الخليفة: ما دعوتك إلا للمناظرة، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين - أريد أن يحفظ علي، وعليه ما يقول. قال: افعل إن شاء الله.
مخ ۱۵۹