وفي قود هذا القول: أن الله هو غير الغفور، وأن الغفور هو غير الله، والله عندكم اسم لم يزل، فتفهموا ما وصفنا - تعلموا أن من قال: إن الله غير الغفور، وأن الله ليس هو الغفور؛ أنه قد افتري إثما عظيما، اعلموا أنه إنما اشتبه عليهم الأمر من قبل قلة معرفتهم، وتعميهم في كل ما يخطر ببالهم؛ فإذا عرض لهم شيء دانوا به، وقالوا به، ولم ينتظروا أن يسألوا، أو أن يثبتوا.
اعلموا أن كل ما وصف الله به نفسه من هذه الصفات في القرآن، فإنما يخبر أنه هو الخالق، وأنه هو الرازق، وأنه هو العالم، وأنه هو السميع، وأنه هو القادر، وجميع ما وصف به [نفسه] هو كما وصف ولم يزل كما وصف نفسه، إلا إنما وصف به نفسه غيره، وقد بينا ذلك في صدر كتابنا؛ فاتهموا العلة فتفهموا، وائتموا به، وكونوا من أمركم على بيان.
واعلموا أنهم يحتجون في بعض حججهم: أن يقولوا: فلم يزل الله يخلق، ويرزق، ويغفر ويرحم، وأشياء ذلك؛ فتفهموا قلة معرفتهم بالحجج، ودخولهم فيما [هو] عليهم لا لهم، واعلموا أن الله وصف نفسه [ب] يعلم، ويسمع، ويبصر، وأشباه ذلك، وأنه يخلق، ويرزق، ويرحم.
واعلموا أن قوله: يعلم؛ إنما يخبر عن نفسه أنه العليم بالأشياء قبل أن تكون، فليس في يعلم: خبر عن سواه؛ وإنما هو خبر عن نفسه: أنه لعليم وسميع، يعني أنه السميع الذي لا يخفي عليه [شيء] [من] الخلق، وأنه محيط بهم قبل أن يخلقهم، وكذلك: في يبصر، ويقدر، ويحصي، ويحفظ، وأشباه ذلك.
ولا يجوز لقائل أن يقول: إن الله لم يزل يخلق؛ لأن في قوله: يخلق، خبر عن الخالق، والخلق، ويرزق، ويغفر، ويرحم مثل ذلك، وليس في قول القائل: الخالق خبر عن غير الخلق، ولا الرازق خبر عن غير الرازق؛ وإنما قوله: الخالق صفة الله بأنه هو الخالق لا غيره الخالق، والرازق لا غيره الرازق؛ فتفهموا ما وصفنا تجدوه نيرا سهلا، ولا قوة إلا بالله - عصمنا الله، وإياكم بالتقوى.
تم الذي من كتب أهل المغرب - والله الموفق.
مخ ۱۵۶