127

============================================================

127/ ربع العبادات ( حتاب اسرار الصلاة ومهماتها فهذه أسباب [هذه](1) الصفات، وكل ما ظلب تحصيله، فعلاجه إحضار سببه، ففي معرفة السبب معرفة العلاج، وقد ذكرنا عن جماعة استغرقتهم الهئبة في الضلاة حتى فقدوا الإحساس بما يجرى عندهم، منهم مسلم ين يسار حين سقطت أسطوانة الى جانبه وهو لا يعلم، ولا يستنكر مثل هذا، فإن الإنسان قد يدخل على ملك من ملوك الدنيا فتجري بينهما محادثات، ثم يخرج فيسأل: من كان عند الملك؟ أو: أي لون ثوب الملك؟ فلا يدري؛ لاشتغال قلبه بالملك عن جليسه وثوبه، فحظ كل مصل من صلاته على مقدار خوفه وخشوعه وتعظيمه، وذلك بمقدار يقينه ولكل درجة مما عملوا [الأنعام: 132]، وموضع نظر الله سبحانه إنما هو القلوب.

بيان الدواء النافع في حضور القلب اعلم أن المؤمن لا بد أن يكون معظما لله سبحانه، وخائفا له، وراجيا، ومستحييا من تقصيره، وإن كانت هذه الصفات تقوى بقدر قوة اليقين، وليس لانفكاكه عن هذه الصفات في الصلاة سبب إلا تفرق الفكر وتقسم الخاطر وغيبة القلب عن المناجاة، والدواء في إحضار القلب دفع الخواطر، ولا يدفع الشيء إلا بدفع سببه، وسبب توارد الخواطر إما أن يكون أمرا خارجا أو باطنا، فأما الخارج؛ فما يقرع السمع أو يظهر للبصر، فإن ذلك قد يختطف الهم حتى يتبعه ويتصرف فيه ثم ينجر منه الفكر إلى غيره، فيكون النظر سببا للتفكر، ثم يصير بعض تلك الأفكار سببا للبعض ومن قويت رتبته وعلت همته لم يلهه ما يجري على حواسه، لكن الضعيف لا بد أن يتفرق به فكره، فعلاجه قطع هذه الأسباب بالقرب من القبلة، والنظر إلى موضع السجود، وأن لا يترك عنده ما يشغل حسه، ويحترز من الصلاة في المواضع المنقوشة.

وأما الأسباب الباطنة فهي أشد، فإن من تشعبت به الهموم في أودية الدنيا لم ينحصر فكره في فن واحد، ولم يغنه غض البصر؛ لأن ما قد وقع في القلب كافي (1) زيادة من الاحياء تستقيم بها العبارة.

مخ ۱۲۷