============================================================
وأما ما قيل من آن الأول إرهاص لنبوة عيسى أو معجزة لزكرياء عليهما السلام، والثاني معجزة لسليمان عليه الصلاة والسلام، فمدفوع بأنا لا ندعي إلا جواز الخارق لبعض الصالحين غير مقرون بدعوى النبوة، ولا يضرنا تسميته إرهاصا أو معجزة لنبي هو من أمته سابقا أو لاحقا وسياق القصص يدل على آنه لم يكن هناك دعوى النبوة، بل ولم يكن لزكرياء علم بتلك القضية، وإلا لما سأل عن الكيفية.
ل و الحاصل أن الأمر الخارق للعادة هو بالنسبة إلى النبي معجزة سواء ظهر من قبله أو من قبل أمته، لدلالته على صدق نبوته وحقية رسالته، فبهذا الاعتبار جعل معجزة له، وإلا فحقيقة المعجزة أن تكون مقارنة للتحدي على يد المدعي، وبالنسية إلى الولي كرامة.
قال أبو علي الجوزجاني رحمه الله: كن طالبا للاستقامة لا طالبا للكرامة، فإن نفسك متحركة في طلب الكرامة، وربك يطلب منك قال الشيخ السهروردي رحمه الله في عوارفه: وهذا أصل كبير في الباب، فإن كثيرا من المجتهدين المتعبدين سمعوا سلف الصالحين المتقدمين وما منحوا من الكرامات وخوارق العادات، فنقوسهم لا تزال تتطلع إلى شيء من ذلك، ويحبون أن يرزقوا شيئا منه، ولعل أحدهم يبقى منكسر القلب متهما لنفسه في صحة عمله حيث لم يحصل له خارق، ولو علموا سر ذلك لهان عليهم الأمر، فيعلم آن الله يفتح على بعض
مخ ۲۴۰