============================================================
إلا أنه قد يقال: الاستغفار ليس من الصحو بل من المحو لظاهر قوله عليه الصلاة والسلام: "وإنه ليغان على قلبي حتى يمنعني عن شهود ربي"(1) في مقام جمع الجمع، الذي لا يحجب الكثرة عن الوحدة، ولا يمنع الوحدة عن الكثرة، لا سيما وهو في منصب الرسالة وفي مقام تبليغ الدعوة والدلالة، فكل ما يمنعه عن المقام الأكمل فنسبة الاستغفار إليه أمثل.
ال و قد يقال الغين كناية عن الغير من ملاحظة الخلائق ومرابطة العلائق ال ومضايقة العوائق، كما أن الغين كناية عن مراقبة الذات ومشاهدة الصفات، وهو عين العلم والايمان، وزين العمل الإحسان كما يشير إليه حديث: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه"(2)، أي أن تكون في مقام العبودية لله بحيث لا يخطر ببالك ما سواه، والخواطر لا تنفك عن السرائر، فكلما خطر بباله سوى الله قال أستغفر الله، كما أشار شيخ مشايخنا أبو الحسن البكري في حزبه إلى هذا المقام السري والحال رضي الله عنه، أنه إذا اوى إلى منزله جزا دخوله ثلاثة اجزاء، جزء ألله تعالى، وجزءا لأهله، وجزءا لنفسه، ثم جزأه بينه وبين الناس، فيرد بذلك بالخاصة على العامة، والمراد بالخاصة الذين يكثرون الدخول عليه، كالخلفاء الأربعة، والمراد بالعامة الذين لم يعتادوا الدخول عليه. اه من الشمائل المحمدية، تعليق الأستاذ عزت عبيد الدعاس، ص 159.
(1) (أنه ليغان على قلبي. ..) مسلم في الذكر، أبو داود 1515، أحمد 211/4.
(2) (الاحسان ان تعبد الله) رواه البخاري وغيره.
مخ ۱۷۶