170

============================================================

صرف قدرته إلى الكفر وضيع باختياره صرفها إلى الإيمان، فاستحق الذم والعقاب من هذا الباب.

وأما ما يمتنع بالغير بناء على آن الله تعالى علم خلافه أو أراد خلافه، كإيمان الكافر وطاعة العاصي، فلا نزاع في وقوع التكليف به لكونه مقدور المكلف بالنظر إلى نفسه، فليس التكليف به تكليفا بما ليس في وسع البشر نظرا إلى ذاته؛ ومن قال إنه تكليف بما ليس في الوسع فقد نظر إلى ما عرض له من تعلق علمه تعالى وإرادته سبحانه بخلافه.

وبالجملة لو لم يكلف العبد به لم يكن تارك المأمور عاصيا، فلذا عد مثل إيمان الكافر وطاعة الفاسق من قبيل المحال بناء على تعلق علمه اا وارادته بخلافه، وهو عندنا من قبيل ما لا يطاق بناء على صحة تعلق القدرة الحادثة في نفسه، وإن لم يوجد عقيبه، وهذا نزاع لفظي عند أرباب التحقيق، والله ولي التوفيق.

ثم اعلم أن مراتب ما ليس في وسع البشر إتيانه ثلاث، أقصاها: أن يمتنع ينفس مفهومه كجمع الضدين وقلب الحقائق وإعدام القديم، وهذا لا يدخل تحت القدرة القديمة فضلا عن الحادثة. وأوسطها: أن لا تتعلق بها القدرة الحادثة أصلا كخلق الأجسام، أو عادة كحمل الجبل والصعود إلى السماء. وأدناها: أن يمتنع لتعلق علمه سبحانه وإرادته بعدم وقوعه.

لرفي جواز التكليف بالمرتبة الثالثة تردد، ولا نزاع في عدم الوقوع، وجواز الثانية مختلف فيه، ولا خلاف في عدم الوقوع، ووقع الثالثة متفق عليه فضلا عن جوازها.

مخ ۱۷۰