واستغلال خرج من بيت محمد وعلي البيت الذي وسع التاريخ كله فكان اكبر منه خرج غاضبا مصمما على الموت كأن في صدره اعصارا هو في طريقه إلى الانطلاق. خرج لأجل الرسالة التي هاجر لأجلها جده الرسول الأعظم من قبل يتلفت من حوله وحيدا أعزل يرى الرسالة وآمال الفقراء والمستضعفين تساق إلى قصر الخضراء في دمشق لا يملك سلاحا غير الشهادة التي يراها زينة للرجال كما تكون القلادة زينة للفتاة وهاجر للحصول عليها على هدى وبصيرة وشبحها ماثل نصب عينيه يتطلع إلى تربة كربلاء مع ركبه بصبر وصمود وهو يقول : خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفلاة أفلا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهي عنه ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا.
لقد هاجر من مدينة جده إلى مكة ومنها إلى العراق بعد أن رأى رسالة الإسلام تتعرض للانهيار ومصير الإنسان يوم ذاك اسوأ من مصير انسان الجاهلية نافضا يديه من الحياة لا يملك في مقابل عدوه سوى سلاح الشهادة وفي كل مرحلة كان يقطعها وهو يحث السير إليها كان يشير إلى أنصاره الذين رافقوه في تلك الرحلة ليموتوا معه وإلى أهل بيته الذين هم كل ما يملكه من الحياة إلى هؤلاء جميعا كان يشير ويكشف لهم عن معاني الشهادة وأهدافها ومعطياتها ويشهد العالم بأسره بأنه قد أدى للإنسانية كل ما يقدر عليه.
لقد كان سيد الشهداء يدرك ويعي اهمية الرسالة الملقاة على عاتقه ويعلم بأن التاريخ ينتظر شهادته وانها ستكون ضمانا لحياة أمة واساسا لبناء عقيدة وهتكا لاقنعة الخداع والظلم والقسوة وأداته لسحق القيم ومحوها من الاذهان وانقاذا لرسالة الله من أيدي الشياطين والجلادين ، وهذا هو الذي كان يعنيه بقوله لأخيه محمد بن الحنفية وهو يلح عليه ويتململ بين يديه باكيا حزينا ليرجع إلى حرم جده : لقد شاء الله ان
مخ ۳۶