له لېږد څخه تخلیق ته
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص
ژانرونه
ويستمر ابن باجه في تنظير الموروث مما يبين قدرة الفلسفة على الاستمرار اعتمادا على الداخل وحده دون الخارج، وعلى المكونات الذاتية دون العناصر الخارجية خاصة في موضوع النفس الناطقة باعتباره بؤرة الموروث، وما يتعلق بها من علوم عقلية.
ففي «ارتياض في تصور القوة المتخيلة والناطقة» يحال إلى الفارابي والزرقالة ويذكر القرآن.
29
وهو نموذج للتراكم الفلسفي من الفارابي والزرقالة ومن العودة إلى الموروث الأصلي، القرآن لمزيد من التنظير للموروث بعد أن أصبح الوافد موروثا من الفارابي والزرقالة. وصورة الفارابي في ذهن ابن باجه هو الشيخ أبو نصر تأكيدا على مقاييس الحس والعقل الإنسانية كمقاييس للصدق. فالفارابي في ذهن ابن باجه صوفي أقرب إلى الغزالي. ويضرب ابن باجه، اعتمادا على الزرقالة، المثل على التعلم من المصنوع المشار إليه بالفكر والبحث ثم ينتقل إلى نفس المستنبط لا سيما في الأمور القريبة. فالعلم هنا من الموضوع إلى الذات.
30
ويستشهد ابن باجه بثلاث آيات قرآنية، الأولى مكررة مما يدل على أن تنظير أصل الموروث ما زال مستمرا، وأن الفكر الفلسفي له مصدره الداخلي المستمر بعد أن تحول الوافد إلى الموروث الكبير. ومنها التفكير في خلق السموات والأرض تدعيما لإدراك المعقولات وحصول القوة الناطقة بالفعل موهبة تتم بها رؤية المخلوقات للوصول إلى الله وملائكته وكتبه ورسله والدار الآخرة. وهنا تأتي آية التفكر تدعيما للطريق من المخلوق إلى الخالق، موهبة الاتصال بالعقل الفعال. وإذا كان العلم بالله وكتبه ورسله يؤدي إلى الهدى فإن نسيانه يؤدي إلى الضلال لأنه يؤدي إلى استبدال الهدى بالله فيكون من المغضوب عليهم أو الضالين. ولفظ الارتياض يعني التعليم والتعود أي النقل الموجه أو الهادف حتى يصبح جزءا من الموروث. التنزيل يصبح تأويلا.
31
وفي هذا الموضوع يرضى ابن باجه عن الغزالي ويستسلم له بالرغم من نقده السابق له. ويقبل التصوف، الجرثومة التي ازدوجت مع الأشعرية وقضت على المشروع النهضوي في الغرب. النبي هو رئيس الصوفية والإشراقيين، وكلهم إلى رسول الله منتسب. فقد تحول الفارابي من المنطق إلى الإشراق. ويدعو ابن باجه القارئ إلى المشاركة والانضمام إلى الزمرة. ويستعمل تشبيهات الشمس والنور والظلمة. ويمكن للحدس العقلي إدراك ما يدركه العقل الإشراقي إذا كانت الموضوعات بديهية رياضية وبموهبة من الله وفيض منه. كما يستعمل بعض التعبيرات القرآنية الحرة. ويكرر الإنسان النظر في المخلوقات حتى يصل إلى الخالق وهو العلم الذي ينكشف للأنبياء. فيتحد الطريق الصاعد والطريق النازل. ويصبح التأويل والتنزيل علما واحدا. والإنسان في الأمور المعقولة أشد تشوقا لمعرفة أسبابها لأنه نظر أعلى وأرفع وأنفع. فعن طريق الأسباب يصل الإنسان إلى الله وملائكته وكتبه ورسله والحياة الآخرة. والناس متفاوتة في موهبة المعرفة بحسب ما يعطيه الله في أول الخلق من الاستعداد لقبولها. والموهبتان الاستعداد والنطق، ليسا مكتسبين إلا بالتوفيق من الله للعمل، وهذا هو الكمال الإنساني، ولا يتم إلا بما أتى به الرسل من الله. ويؤدي اتباع الهوى إلى الشقاء والضلال. سماع الأنبياء وطاعتهم هو نفس طريق التفكر في المخلوقات، لا فرق بين البصيرة والبصر، بين الوحي والطبيعة. يعلم الله كل شيء ويقدر كل شيء. وعلم الإنسان مستمد من الأشياء، وقدرته قائمة على الأسباب. ويحول ابن باجه الأسباب من العمل إلى النظر، وهو بداية الاغتراب. ويحاول الجمع بين العقل والإشراق، بين المعرفة الإنسانية والمعرفة الإلهية في إطار صوفي إشراقي أقرب إلى التصوف منه إلى الفلسفة، وإلى حكمة الإشراق عند ابن سينا وابن طفيل منه إلى منطق البرهان عند الفارابي وابن رشد. كما يحاول التوفيق بين الحرية والجبر في نظرية الكسب بما تتسم به من غموض وأقرب إلى أحوال الصوفية كما هو كمواهب منها إلى حقائقهم كمكاسب. وإذا كان التفاضل فطريا فكيف يكون الاستحقاق؟ ويتم الخلق بالعلم لا بالإرادة، والصنع بالأسباب أي بالقوانين. والاستنباط أشرف من الاستقراء لأن الذات أشرف من الموضوع. والعلم من الذات أي الداخل أشرف من العلم من الموضوع أي الخارج. كل ذلك تنظير لا واع لآية
وفي الأرض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفلا تبصرون ، وجمع لا واع بين أرسطو وأفلاطون، وصب للوافد في الموروث. يتعدد خطاب ابن باجه، ويتنوع بين العقل والقلب، بين الحكمة والتصوف. وينتهي الخطاب الرياضي المنطقي الطبيعي إلى خطاب عقلاني صوفي فيما بعد الطبيعة. ويستعمل ابن باجه الأسلوب العربي مثل زيد وعمر وكمثل للمبتدأ أو الخبر أو الفاعل في النحو أو الموضوع والمحمول في المنطق.
32
ناپیژندل شوی مخ