وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل بالمنافقين الظالمين؛ يؤثرهم على من معه من إخوانه المؤمنين، ويكل إخوانه على إيمانهم.
من ذلك ما فعل في غنائم حنين، فرقها كلها على المؤلفة قلوبهم، ولم يعط المؤمنين منها درهما واحدا، ولا شاة واحدة، ولا بعيرا واحدا يتألفهم بذلك، ويكسر عن المؤمنين شر حدهم.
وكذلك كان يفعل بكبراء المشركين إذا كاتبوه وأتوه؛ يكاتبهم بأحسن المكاتبة، ويفرش لهم ثوبه إذا أتوه يجلسهم عليه، نظرا منه للإسلام، ومداراة لهؤلاء الطغام، عن غير موالاة ولا محبة.
[الاستعانة بالظالمين]
قال محمد بن عبيد الله(1): وسألت الهادي إلى الحق صلوات الله عليه هل تجوز الإستعانة بالظالمين؟ وقلت: ما معنى قول الله سبحانه: {وما كنت متخذ المضلين عضدا} [الكهف: 51]. فقال: أما ما سألت عنه من قول الله سبحانه؛ فإنما أراد بالعضد: الود والمشاورة(2) في المبثوث من جميع الأسرار الظاهرة والباطنة، والمحبوب في السر والعلانية، المعتقدة ولا يته، الجائزة عند الله مناكحته، وأكل ذبيحته، وقبول شهادته، والإعتماد على قوله، والركون إلى مصافاته، فهذا العضد. فمن لم يكن عند صاحبه على هذه الحال، على حقيقة الفعل والمقال؛ فليس له بعضد ولا كرامة له، ولا ينتظمه هذا الاسم أبدا، ولا يجوز له أصلا.
مخ ۷۸۷